"تحيا مصر بشبابها" .. جملة قالها الرئيس عبدالفتاح السيسي في مطلع هذا العام وتحديداً في التاسع من شهر يناير ، خلال كلمته بحفل إطلاق الموقع الإليكتروني لمشروع "بنك المعرفة" بدار الأوبرا ، متعهداً بأن يكون العام 2016 هو بحق عام الشباب . وبعد نحو 9 شهور وقبل أن ينقضي العام عقد مؤتمر الشباب بشرم الشيخ تحت شعار "أبدع ـ انطلق" الذي جعل منه الرئيس ترجمة فعلية لوعده.

 وقبل أن يوشك هذا العام على الرحيل أوفى الرئيس بعهده واستجاب لمطالب الشباب بالإفراج عن عدد من المحكوم عليهم بعقوبات . وكلها أدلة دامغة على اقتناع الرئيس غير المحدود بهذه الشريحة التي تمثل بحق عصب المجتمع والتي عانت لفترة طويلة من التهميش والتجاهل والاقصاء.

 فمع موافقة صندوق النقد الدولي على منح مصر قرض الـ 12 مليار دولار على ثلاث مراحل . عاد الأمل في مستقبل أفضل للتدفق في أوصال المصريين الذين يحلمون بغد أفضل لأبنائهم . إلا أن القلق عاد ليساور الكثيرين بعد تردد أنباء عن توجيه الشريحة الأولى من القرض لسد عجز الموازنة العامة للدولة وتدبير اعتمادات دولارية لاستيراد الأدوية والسلع الاستراتيجية .. مما يعني أنه لن يوجه إلى قطاع الاستثمار ولن تضخ هذه المليارات في مشروعات جديدة تدير عجلة الاقتصاد الوطني لتخرجه من عثرته.

فلم يعد بخاف أننا لا بديل أمامنا عن الاعتماد على الذات لتنمية ونهضة بلدنا, فجميع تجارب الاعتماد على الخارج لتحسين حالة الاقتصاد المصري أثبتت فشلها .. حيث ترتبط دائما بإملاءات وأجندات لا تتفق مع صالح الوطن أو المواطنين.

 وبالمناسبة هذا ليس ببعيد عن الإرادة المصرية التي تثبت على مدى التاريخ صمودها و لعل خير دليل على ذلك استيعاب أبناء الشعب للإجراءات الحكومية الأخيرة وعدم الالتفات لأي من دعاوى الفوضى التي تآمرت لإشعال غضب المصريين وكان آخرها درس 11 نوفمبر الذي أثبت المصريون خلاله وعيهم الوطني التام وتفهمهم للظروف الحاسمة التي يمر بها بلدهم مصر.

 ما المطلوب إذاً .. بكل بساطة يجب استثمار هذه المشاعر القومية وتوجيهها إلى الطريق السليم نحو بناء الوطن .. وحتى لا يكون الكلام مطلقاً على عواهنه .. أمامنا تجربة واعدة يجب استيعابها على أفضل نحو وتتمثل في تنمية إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر .. فوفقا لاستبيان أجراه البنك الدولي في 2014 فان تلك المشروعات تساهم بأكثر من 80 % من الناتج المحلي الاجمالي و75% من نسبة التشغيل في القطاع الخاص .. كما أنها تمثل نسبة 99% من إجمالي معدلات التشغيل غير الزراعي .. فلماذا لا نحول هذه الأرقام إلى واقع ملموس على أرض مصرنا الحبيبة ؟

ومن المعروف أن هناك جهات عديدة تشرف علي تنفيذ ودعم تلك المشروعات مثل الصندوق الاجتماعي ووزارة الصناعة والتجارة ومبادرات البنوك .. لكننا في الوقت ذاته لا يجب أن نغفل حقيقة في غاية الأهمية مفادها أن كثرة الجهات المشرفة على هذه المشروعات يؤدي في كثير من الأحيان إلى تداخل في الاختصاصات .. وهذا في واقع الحال يضع عثرات كثيرة أمام تحقيق الفائدة المرجوة من تلك التنمية المنشودة .. فضلاً عن التحديات التي تواجه اقامة مثل هذه المشروعات.

 وهذا ينقلنا لطرح تساؤل مهم .. لماذا لا يتم دمج كل هذه الجهات علي تلك المشروعات تحت إشراف جهة واحدة .. وهذا يتطابق مع توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي وعد المستثمرين بمبدأ "الشباك الواحد" .. خصوصا إذا علمنا ان إجمالي التمويل المتاح يصل إلى 2.8 مليار دولار وهذا لمن يعرف رقم كفيل بإحداث نهضة حقيقية وملموسة.

وتشير كافة الشواهد إلى ضرورة إشراك وزارة التعاون الدولي في مسيرة التنمية المنشودة هذه لأنها الجهة القادرة بحق على ضمان نجاح هذا النهج الاستثماري الوطني خصوصا في ظل وجود وزيرة مثل د. سحر نصر التي نجحت إلى أبعد مدى خلال توليها مسئولية الإشراف علي المشروعات الصغيرة والمتوسطة في البنك الدولي .. وهذا في الواقع ليس تشريفا وإنما تكليفا واستثمارا في محله للاستفادة من خبرتها الواسعة في تطوير هذا الملف الأكثر أهمية.

 فحسبما تؤكد جميع التقارير فإن 51% من تمويل البنوك يذهب لكبار المستثمرين فأين توصيات الاهتمام بالشباب بالله عليكم . وهنا يجب أن يعي جميع المسئولين أن نجاحنا وخروجنا من عنق الزجاجة اقتصادياً ، وبالمناسبة اجتماعياً وسياسياً أيضاً ، لن يتحقق إلا بإيماننا الكامل وتشجيعنا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر .. فعند هذه المرحلة فقط سيكون العام 2016 بحق هو عام الشباب.

 


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية