ريم بنا.. اسم ظل يتردد علي مسامعي كثيرا، ونصحني الكثيرون أنأدخل موقعها علي الإنترنت، للتعرف عليها والاستماع إلي أغانيها. إلا أنني،وللحق، كنت أؤجل هذا الدخول لأسباب عدة، من أهمها أنني لا أستمتع كثيراًبالاستماع عبر النت، خاصة إذا ما كان المغني أو الموسيقي، جديداً بالنسبةلي، وتعودت ـ أن يكون الاستماع للغناء ـ الأول علي الأقل ـ عبراللقاء المباشر والحي.

لذلك، وحين دعيت  عام  2008 من قبل المركز الإعلامي الفلسطيني إلي حفل ريم بنا بقاعة(ايوارت) بالجامعة الأمريكية في القاهرة ، حرصت عليالتفرغ التام للتعرف علي صوت ريم وجهاً لوجه، في لقاء حي لا تعبث به تلكالآلات التكنولوجية الحديثة التي تفقده بعض أخطائه الجميلة، وتحرمني منرتوش، يرونها تشويهاً، وأراها تفاصيل مهمة، في لوحة متعددة الدرجات.

للوهلة الأولي، فاجأتني ريم بوقوفها وحيدة علي خشبة المسرح، لا تساندها منالآلات الموسيقية سوي ذلك الجيتار الذي يعزف عليه، بمهارة مبهرة، زوجها- آنذاك -الفنان الأوكراني (ليونيد ألكسينكو ).

جيتار وصوت بشري.. وفقط.. فما الذي يمكن أن يقدمانه؟!

 لكن الرشيقة ريمبنا، بحضورها الطاغي «رغم ضآلة جسدها» وبابتسامتها الشمس، وثوبهاالفلسطيني التراثي المرصع بالفضة، انطلقت في غناء تنوع ما بين التهاليلالفلسطينية، والقصائد الحديثة، والغزليات التراثية ليتحول بموهبة ربانيةلا تُمنح للكثيرين، ومصقولة بدراسة علمية في أكبر معاهد موسكو، إلياوركسترا متكامل، يتماوج ما بين رقة الفيولينا، وعمق التشيللو، ورقرقةالعود، وصهللة الشخاليل، وتغريدة البيانو. صوت مثقف بما تعنيه الكلمة منخلفية وعي بالسياسي والاجتماعي، مقروناً بإرادة مقاوم علي التشبث بأرضيدّعي الغاصب أنها بلا تاريخ.

وما بين أهزوجة وأخري، تزداد أنت كمتلق إحساساً بالفرح الممزوج بالأسى، لتنتشي بحقيقة انتمائك إلي هذه الأرض التي تستحق الحياة.

أجمل ما في أغاني ريم، وأدائها، أنها ارتقت بالفلكلور الفلسطيني إلي مصافالأغنية الحديثة، ولم تكتف بترديده كما هو، بل غلفته بلحن وصوت حولاه منكونه جذراً ضارباً في أرض عربية لا تزال تحيا بماء المقاومة، إلي غصونوأوراق وارفة تنضح برائحة الطزاجة والبكارة.

. كان لحفل «ريم بنا» علي مسرح قاعة ايوارت فعل السحر في جمهورها، الذي تحولبعد لحظات من بدئها الغناء، إلي كورال زاد من حيوية غنائها وسعدت أنابمصادفة المشاركة فيه.

منذ هذا اليوم ،انضم صوت ريم بنا إلى لائحة الأصوات الأصدقاء أتكئ عليه وقت الحزن ، وأهفو إليه وقت الفرح.

ريم تقاوم الآن ومنذ أكثر من عامين عدوا خبيثا ، أجبرها على التوقف عن الغناء إلى حين ، لكنى أثق أنها ستعود بعد أن تهزمه كما هزمته فى المرة الأولى .. وإلى أن يحدث ذلك سنظل ندعو لها ، وسنظل نستمع إلى مخزونها من عطاء عنوانه فلسطين عربية .

 ريم بنا نحن فى انتظارك .


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية