"الوليمة" نص مسرحي كتبه علاء سليمان – الذى لم أعرفه حتى الآن وأسعى للتشرف به – وفاز منذ سنوات بجائزة في مسابقة النصوص المكتوبة للكبار،  التي تقيمها الهيئة العربية للمسرح .

 وقد أعلن اسمه فائزا من مصر في حفل خاص على هامش مهرجان المسرح العربي الخامس، الذى أقامته الهيئة  في قطر منذ أربعة أعوام .

 

حينما انتهيت من قراءة نص علاء سليمان، تذكرت على الفور أصدقائي من المخرجين الشباب اللذين لا يكفون عن الشكوى من ندرة النصوص الجيدة الملائمة لطموحاتهم وأفكارهم المتمردة . لذلك فكرت أن أتحدث عنه هنا، لعل حديثي يكون سببا في سعى أحدهم إلى البحث عن كاتبه ( كما سأفعل أنا) ويتفقا معا على وضعه على خشبة يستحقها وتستحقه.

 

فالنص مكتوب بحرفية عالية ، طارحا لموضوع إنساني  يصلح لنا ولغيرنا من بلاد الدنيا ، فهو عن الحرب وعن الإنسان ، وعن القدر الذى يسوق صاحبه لمصير ظل يهرب منه طوال حياته . هو عن زوجين كهلين يعيشان على أطراف مدينة تقف على الحد مع بلد تدخل في حرب مع جارتها. لكن الزوجان اختارا هذا المنفى لغرض هيئا له نفسيهما المريضة واعتبراه رسالتهما في الحياة، إنهم جاءا للانتقام ممن قتلوا ابنهما الشاب الجندي مريض الصرع ، فباتا ينصبان الفخاخ الإنسانية للجنود العائدة من حرب يظنون أنهم انتصروا فيها ، يغريانهم بالطعام والشراب والدفء وباستراحة طريق.

 لكن الضحايا لن يعودوا مرة أخرى لاستكمال مسيرة العودة إلى الديار ، بل سيدفنون بعد قتلهم بالسم في مقبرة أعدت خصيصا لهذا الغرض في قبو أسفل المنزل .

 

أما لماذا يفعل ذلك الزوج والزوجة ، وإلى أي مصير ستنتهى بهم حفلة انتقامهما ؟.. فهذا ما لن أتورط في الكشف عنه،  لكنني سأشير إلى قدرة الكاتب على خلق حدث آخاذ منذ اللحظة الأولى ، وعلى رسم شخصيات ( خاصة الزوجين ) تشع بالحياة لا تكاد تكرهما حتى تقع في التعاطف معهما والرثاء لهما.

بل ونجح سليمان في السيطرة على هاتين الشخصيتين بمقدرة من يعرف أن مكنون نفسيهما وطبيعة الحدث يمكن أن ينزلقا به إلى هوة ميلودرامية  تطيح بالعمل ككل.

 بل ونجح في الهروب من فخاخ الثرثرة التي تتيحها شخصيات يعتمر في نفسها الكثير من الأحاسيس المتناقضة ، وكان من الممكن أن ينزلق إلى هاوية البوح المنفرد في منولوجات طويلة قد تبررها الوحدة التي يرزحان تحتها والانفصال النفسي الذى يعيشانه رغم تواجدهما معا تحت سقف بيت واحد.

 

كل هذه العناصر ومن قبلها اللغة التي صيغت بها الحوارات ، هي ما شجعتني للإعلان عن هذا النص وللسعى إلى معرفة كاتبه وأن أدعو كل مخرج شاب يبحث عن جديد يستحق أن يسارع  إلى قراءة " الوليمة " .

محمد الروبي


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية