بُعبُع جديد اخترعه الفريق أول عبد الفتاح السيسي عندما وقف يطالب الشعب بتفويضه لمحاربة الإرهاب، لم يكن هناك إرهابا بعد عندما طالب السيسي بتفويضه، كان هناك اختلاف حول من يحكم مصر مرسي أم الإخوان ومرشدهم، كان هناك اختلافا حول إستمرار حكومة "المقبوض عليه" هشام قنديل الذي كان رئيسا للوزراء أو رحيلها، كان هناك من يشكك في صدق نوايا الإخوان ، كان هناك من يتخوف من أخونة مصر ومحاولة السيطرة علي مفاصل الدولة لحساب الجماعة علي حساب الشعب.

كل هذا كان موجودا، لكن لم يكن هناك إرهابا بعد، الجريمة الوحيدة كانت قتل جنودنا في رفع عندما كان"السيسي" مديرا للمخابرات، حتي اختاره "مرسي" وزيرا للدفاع بعد الجريمة التي لم تتكشف خيوطها بعد. 

فجأة اخترع الفريق السيسي مصطلح "مكافحة الإرهاب"، وطالب تفويضا من الشعب، وأعطاه الشعب التفويض ، وبدأت المعركة التي يعلم الله وحده إلي أين ستجرنا، بعد أن أصبح الإخوان الذين كانوا يحكمون مصر منذ أيام "إرهابيون" لمجرد أنهم اعترضوا علي عزل رئيسهم .. لن أقول رئيس مصر فأنا شخصيا لم أقتنع يوما أن "مرسي" كان رئيسا لكل المصريين.

المهم ان الفريق "السيسي" وزيرا الدفاع في عهد مرسي  كان يعرف - وهذا بديهيا- أن الأخوان سيعترضون علي عزل "مُرسيهم"، وبالتالي سيتظاهرون ضد القرار وهذا ما حدث، وجاءت "رابعة" و"النهضة" واعتصم الإخوان وأتباعهم في الميدانين ، وأخذ الأذناب يهرتلون ويتوعدون، وبدات الفضائيات وعلي رأسها الجزيرة بث هرتلة الإخوان علي الهواء مباشرة، وبدأ الخبثاء يتصيدون من كلام أذناب الإخوان ما يدينهم، حتي صدر القرار بفض الاعتصام بالقوة، ومات الآلاف بدون وجه حق، وزج بالآلاف في السجون، لا لشيء سوي لكونهم من الإخوان أو من أتباعهم.

وبعد فض اعتصام "رابعة" و"النهضة" والرفض العالمي للافراط في القوة أثناء فضهما، حاول الصاعدون الجدد تبرير ما فعلوه ولكن لم يتمكنوا من ذلك، فلم يقتنع أحد بأن الاعتصام كان مسلحا، وأجمعوا أن عزل رئيس منتخب انقلابا، فكان لابد من ايجاد مبرر، فنفتق ذهن الصاعدون الجدد علي محاربة "الإرهاب"

وأخذت الأبواق الإعلامية تردد الكلمة حتي صدقوها وصدقها من حولهم، وتوالت الجرائم ضد الجيش والشرطة ولم يتم الكشف عن الفاعل الحقيقي لأي منها، وتعمد الجميع الإشارة إلي الإخوان والزج بهم واتهامهم بمجرد وقوع الحادث حتي قبل أن يتم التحقيق فيه.

وباتت جماعة الاخوان إرهابية، وبدأت الاعتقالات والتهم جاهزة وكأن الإخوان لم يكونوا بيننا يوما، وكأنهم ليسوا مصريين، الكل تبرأ منهم، الكل يريد التشفي والانتقام الكل اتحد ضدهم وكأن بإبادتهم والزج بهم في السجون ستنجوا مصر.

قد تكون ممن رفضوا استمرار مرسي وعشيرته في حكم مصر لحساب جماعة، وبالتالي ستبرر قتل المعتصمين، وستقوا أنهم استحقوا القتل، وكأنه كان مطلوبا من الإخوان أن يقبلوا أيدي من أطاح بهم ويذهبون إلي بيوتهم فرحين مهللين.

سأقول لك ماذا كنت ستفعل لوكنت في مكانهم؟، هل كنت ستنسحب دون أن تنبس بكلمة؟، هل كنت ستعتبر أن ما حدث لايستحق أن تعترض عليه وتذهب إلي بيتك لتنام وأنت قرير العين؟.. هل كنت ستفعل هذا؟ أم كنت ستفعل ما فعله الإخوان وترتكب "جريمة" التظاهر؟.

ستقول أنهم فاشلون.. سأقول لك أنهم كانوا الفشل نفسه، ولكن هل استبدلناهم بعباقرة؟ أم بأفشل خلق الله؟ ستقول أن الحكومة والرئيس مؤقتين وليس مطلوبا منهم أكثر من تسيير الأمور، سأرد عليك ولماذا جاءوا أصلا؟ لماذا لم ننتظر حتي نجبر مرسي علي الرحيل بالصندوق ونأتي بالأفضل ونتجنب الفتنة التي تحرق مصر؟

ستقول أنه رفض الرحيل ولم يكن هناك حلا سوي عزله، سأقول لك وهل إذا قبل بالرحيل وأعلن عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة كان سيتهم هو وعشيرته بالارهاب؟ أم كان سيخرج خروجا كريما وكأن شيئا لم يكن وربما يرشح نفسه في مرة اخري؟.

ستقول لي انت إخواني، ومرسي فاشل، سأقسم لك أنني لم أنتمي لهم يوما لهم ولم أحبهم وأعرف أنهم خبثاء مهادنون، ستصر علي أني إخواني، وكل الإخوان يدعون أنهم ليسوا إخوانا، سأقول لك أنني كنت معك في التحرير في 30 يونيو، ستقول أنك منهم وكنت تتجسس علينا وترصد تحركاتنا .

سأقول لك .. وسترد علي .. وربما لن نصل لاتفاق ابدا، فهذا حال المصريين اليوم، الكل يصر علي المضي في طريقه حتي لو تدفقت الدماء بحورا تحت قدميه، الكل يُخَون الآخر، لا أحد يريد أن يستمع لأحد، سدت كل طرق التفاهم، وكلما هدأت الأمور وبدأ بعض العقلاء يتحدث عن المصالحة نفاجأ بتفجير أو جريمة تعيدنا إلي نقطة الصفر، وتعمق الإنشقاق

سأقول لك "كلنا مصريون" وسنبقي، فالتشفي والقتل لن يصنع دولة، وحده القانون واحترامه وتفعيله هو الطريق لبناء وطن يحترم فيه الجميع الجميع، وعليك أن تغلب مصلحة الوطن فوق أهوائك وأحقادك ومصالحك، سأقول لك أننا في مركب واحدة، كلنا لنا نفس الحقوق وعلينا ذات الواجبات ولن يبني مستقبل بالدماء، فالدماء ستزيد الانشقاق وكلنا في النهاية خاسرون، ربما لن تقتنع، لكن المستقبل المظلم في ظل الاحتقان الذي نعيشه سيجبرك علي الاقنتاع بـ"كلنا مصريىن".

لايهم لمن تنتمي، للإخوان"الفشلة" للوطني "المنحل" للسيسي لمرسي لمبارك، لا يمهم لمن تنتمي، المهم أن تعلوا مصلحة الوطن فوق مصلحة الجميع. 

حفظ الله مصر وجنبها كل سوء


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية