سقط مرشد الإخوان الدكتور محمد بديع، تم القبض عليه وحيدا في شقة بالقرب من رابعة العدوية، لم يقاوم الرجل، بدا مستسلما هادئا، هذا ما ظهر في الفيديو القصير الذي بثته الداخلية علي القنوات بعد لحظات من القبض عليه.

سقط مرشد الإخوان، فهل تسقط مصر؟، هل يتخلي أنصاره الذين آثروا السلمية منذ إقصاء مرسي عن سلميتهم ويثأروا لمرشدهم والمئات من ضحاياهم الذين دفنوهم في هدوء غير مسبوق؟ هل يصعدون ويشرعون في إحراق ما تبقي من بلد ينزف منذ سنوات؟، أم يتعلم الصاعدون الجدد الدرس ويوقفون حملتهم الغوغائية لتفويت الفرصة عليهم وتجنيب البلاد المزيد من الدماء؟.

تصور الإخوان المسلمون فور وصولهم للسلطة أنهم امتلكوا مصر فسقطوا، أعماهم الغرور عن رؤية حقيقة ما يكاد لهم ولمصر، استأسدوا ورفضوا النصح حتي أصبحوا لا يسمعون إلا أنفسهم، عادوا الجميع فتوحد الشتات ضدهم، فسقطوا دون أن بيكيهم أحد، بعد أن أغلقت كل قنوات تواصلهم مع الشعب سواء المؤيد أو المعارض.

تصور الإخوان أنهم لن يسقطوا، لم يتعلموا من درس مبارك شيئا فتهاوي عرشهم بشكل لم يتصوروه هم أو أي أحد تابع المشهد منذ بدايته.

 الآن أري أن الصاعدون الجدد تأخذهم العزة بالإثم، فيبالغون في القتل والتنكيل دون أن يردعهم دين أو ضمير، فمن يري الوحشية التي يتعاملون بها مع الإخوان ومناصريهم يظن أنهم لم يشربوا معهم قطرة ماء في يوم من الأيام، لم يجلسوا معهم علي طاولة واحدة ، لم يتشاوروا فكانوا يتفقون أحيانا ويختلفون أحيانا أخري.

الإخوان لم يأتوا إلي الحكم فجأة، ولكن بعد سلسلة من الانتخابات والتحالفات، وكل من يعاديهم الآن ربما جلس معهم أوعمل معهم أوتشاور معهم سواء اتفق أو اختلف، المهم أنهم كانوا شركاء في الوطن وفي المسئولية.

فشل الإخوان في إدارة مصر لم يكن نتيجة لسوء إدارتهم فقط يجب أن نعترف بهذا ونقره، ولكن من يتبرأون منهم الآن تقع عليهم جزء كبير من المسئولية، فهم لم يقدمون حلولا، بل دائما ما كان هدفهم تعقيد ما هو معقد أصلا، حاربوا الإخوان بكل الطرق المتاحة حتي كان ما كان.

والآن بعد أن تهاوي عرش الإخوان هل يتعلم الصاعدون الجدد الدرس؟، أجزم حتي الآن أنهم لم يتعلموا شيئا، فنفس التعالي والغرور الذي أسقط الإخوان أراه متمكنا منهم، لا يقبلون النصح، يقولون شيئا ويفعلون عكسه مثلما كان يفعل سابقيهم.

القتل والاعتقالات والدماء التي يبدوا أنها ستسيل بحورا، لن تصنع دولة، تلفيق القضايا وقتل محبوسين علي ذمة تحقيقات بدم بارد لن يصنع دولة، التركيزفي تصفية الإخوان ومناصريهم دون الألتفات للشارع سيقط الصاعدون الجدد مثلما أسقط الإخوان من قبلهم، فالاخوان ركزوا في التمكين ونسوا الشعب، ومقصيهم يفعل الشئ نفسه وإن كان بوتيرة اسرع بمراحل من الإخوان، والدليل علي ذلك المبالغة في القمع والقتل والتنكيل.

فتوات الجيش والشرطة الذين يحكمون مصر الآن كانوا جنبا إلي جنب مع مرسي ولم يحركوا ساكنا والدولة تتهاوي، فمن أين أتاهم هذا الحماس وما هي دوافعهم؟، هل إنقاذ البلد كما يدعون، أم الإنتقام من الإخوان الذين يتركونهم في النار دون أن يمدون لهم يدا مثلما فعاوا مع مبني المقاولون العرب الذي كان يحترق علي الشاشات لساعات دون أن يتحرك أحد لإنقاذه.

محزن ما وصلت إليه الأمور في مصر، ومفزع ما يجرنا الصاعدون الجدد إليه، فالدماء لن تنتج إلا المزيد من الدماء، فمتي يوقن من يمارس البطش أنه لن يكون طريقا للإستقرار، متي يتعلم من يدير زمام الأمور في مصر"الحزينة" أن الحوار هوالطريق الوحيد للنهوض والخروج من المأزق الذي نصر علي البقاء أسري له.

حفظ الله مصر وجنبها كل سوء


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية