الله الله.. رأيت دموع البابا كحبات اللؤلؤ.. هل يبكى البابا؟.. عندما يبكى البابا ماذا تفعل الرعية؟.. هل يشعرون بالخطر؟.. هل بكاء البابا خشوع؟.. أم شعور بتكريم السماء؟.. هل هو إحساس بعظم المسؤولية؟.. هل يبكى لأنه جاء فى وقت عصيب؟.. هل يبكى لأنه يخاف على مصر؟.. هل يدعو للصلاة من أجل مصر؟.. لماذا شعرت بالفرح عندما بكى؟.. إنه يتألم ويبكى من أجلنا!

أول مرة نشاهد احتفالاً بتجليس البابا.. لم نشاهد حفل تجليس البابا شنودة.. كنا صغاراً من جهة.. من جهة ثانية لم يكن مسموحاً بنقل هذه الاحتفالات.. الثورة غيرت مصر.. الفضائيات والإعلام ساهما فى تغيير الثقافات.. البابا تواضروس ربما يكون محظوظاً.. ربما يكون بابا ثورة.. يبدأ حياته البابوية بالانسحاب من «التأسيسية».. ليس رداً على عدم حضور الرئيس.. الموقف تاريخى بالطبع!

المشهد الذى ينتظر البابا الجديد ملتبس.. ليس هذا سبب البكاء بالطبع.. البكاء على مصر.. سيناء تضيع.. دماء الشهداء على القضبان.. جماعات تكفيرية تملأ البلاد.. شىء يدعو إلى الحزن.. لا شىء فيها يدعو للفرحة.. لا شىء فيها يجعلك مبتهجاً.. دموع البابا كانت مختلطة.. فرحته بالتجليس يشوبها الألم.. أراد أن يؤجل حفل تنصيبه احتراماً لدماء الأطفال.. الوفود الرسمية منعته!

ليس أمام البابا إلا أن يصلى.. معروف عنه أنه الرجل المتعبد.. تقرأ فى عينيه الخشوع.. تقرأ فى عينيه الرحمة.. تقرأ كل ذلك فى الدموع.. لا يبكى البابا لأنه تأثر بشىء فى نفسه.. واضح أنه لا يشعر بالأجواء الاحتفالية من حوله.. يحلق فى ملكوت آخر.. لا هو شعر بوجود الوزراء، ولا رئيس الوزراء.. جاء أم تأخر؟.. لا كان يشغله وجود الرئيس، ولا يشغله غيابه.. حضور الرئيس كغيابه!

كثيرون من مستشارى الرئيس تمنوا لو أن «مرسى» حضر احتفالات تنصيب البابا.. قالوا إنه حضور رمزى يحمل دلالات كثيرة.. يبعث برسائل طمأنة.. قالوا لا يهم أن السادات لم يحضر تجليس الأنبا شنودة.. لا يهم أن عبدالناصر لم يحضر تجليس الأنبا كيرلس.. الآن هناك دلالة مختلفة.. لا أظن أن الرئيس يعاقب الكنيسة على قرار الانسحاب.. قرار الانسحاب حدث بعد قرار الغياب!

الكنيسة فى عهد البابا تواضروس قد تؤدى دوراً وطنياً.. المصريون ينتظرون التوازن فى المشهد العام.. ينتظرون وقفة جادة من القوى المدنية.. ينتظرون موقفاً حاسماً من الكنيسة.. لا ينبغى أن تخضع الكنيسة للابتزاز.. لا ينبغى أن ترجع فى قرار الانسحاب.. أعرف أنها مسألة صعبة حين يبدأ البابا بمعضلة.. من حسن الحظ أن رأى مشيخة الأزهر لا يختلف عن رأى الكنيسة الآن!

مأساة ألا يكون الرئيس قادراً على المبادرة.. ألا يكون قادراً على تقديم النموذج.. مأساة أكبر أن تتعثر البلاد فى خلافات طائفية.. مصيبة أن يزيد الاحتقان فى مصر.. فى الصلاة أمس، سمعت الأنبا باخوميوس يستعيذ بالله من العقارب والحيات.. أو فيما معناه.. مصر فى حاجة للتخلص من العقارب والحيات.. البابا ينبغى أن يصلى من أجل مصر.. ينبغى أن «يبخر» الوطن ضد الشياطين!

راهنت منذ أيام أن الرئيس لن يحضر تنصيب البابا.. كنت أعرف أنه لا يملك القدرة على المبادرة.. حتى أمس كنا بين احتمالين.. يحضر الرئيس أو لا يحضر.. الآن تأكد ظنى.. لا يشعرك بأنه يملك القرار.. لا يشعرك بأنه ثورى.. سواء حين يعالج أزمة، أو حين يتخذ موقفاً.. من هنا أفهم دموع البابا.. ومن هنا ندعوه للصلاة من أجل مصر!!


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية