لو لم يكن فى الانتخابات أى ميزة أخرى غير وقوف الرئيس فى طابور الانتخابات، لكان يكفى.. لم يعد الرئيس ذلك الفرعون، الذى يأتى بالموكب، من السيارات المصفحة، ثم يدخل لجنة الانتخابات وحده، ليدلى بصوته، ويغادر أمام كاميرات التليفزيون.. كل المصريين أمام القانون سواء.. هذا أول درس فى الدستور.. أول درس فى الانتخابات.. أول نتيجة لثورة 25 يناير.. إذن نحن نستطيع! لابد أن عدسات الفضائيات، نقلت صوراً مختلفة، لجميع مرشحى الرئاسة.. كلهم فى الطابور بالساعات.. لا يقفز أحدهم على دور غيره.. لا يقع فى فخ السماح له بتجاوز الدور.. الرئيس فى الطابور.. من المؤكد منهم رئيس قادم.. أول درس له أنه ملتزم بدوره، وأنه مواطن، لا أكثر ولا أقل.. لا يختلف عن غيره من المواطنين.. مواطن بدرجة رئيس.. قد يعود بعد المدة الرئاسية الأولى إلى صفوف المواطنين! هذا المشهد لفت نظرى، بالإضافة إلى مشاهد أخرى، يمكن أن نباهى بها الأمم.. مصر تنتخب الرئيس.. لا تعرفه مقدماً.. لا تعرف نتيجته من الكنترول.. لا أحد فى مصر يعرف.. لا أحد فى العالم.. وإذا كان الأمريكان لا يعرفون رئيسهم، قبل الانتخابات، فنحن لا نعرف أيضاً.. المرشحون أنفسهم لا يعرفون الآن.. فى تمثيليات سابقة، كان الرئيس «المرشح»، يعرف أنه الرئيس المزمن! الأغرب فى الانتخابات السابقة أن المرشحين المنافسين كانوا ينتخبون المرشح «الرئيس».. كانوا يعلنون أنهم سينتخبون مبارك.. لذلك كان يجاملهم، بعضويات فى الشعب، والشورى، ورئاسات الأحزاب.. هكذا كانت مصر، وهكذا تغيرت بعد الثورة.. لا أحد يعرف أبداً.. لا الثوار يعرفون، ولا العسكر يعرفون، ولا الإسلاميون يعرفون، ولا حتى رجال النظام السابق.. هذه أهم نتيجة من نتائج الثورة! فى الانتخابات يتجدد عندنا الأمل.. نحن نستطيع.. الأمريكان كانوا يقولون: «يس وى كان».. نحن أيضاً لدينا أمل.. الانتخابات تجدد الأمل، بغض النظر عن النتيجة.. ممكن أن يكون عندنا «سيستم» مايخرش المية.. رأينا النظام فى كل شىء.. طوابير المصريين منظمة.. اللجان منظمة.. الأمن يحفظ النظام.. العدالة ممكنة.. الجيش لديه خطة تأمين واضحة لحماية الشرعية! الالتزام بالدور كان سمة واضحة.. لم يتجاوزه أى مسؤول، شعبى أو تنفيذى.. «الكتاتنى» يصر على الانتظار بالطابور.. لم تفلح محاولات الناخبين لإقناعه بالدخول، دون الالتزام بالطابور.. كثيرون فعلوا ذلك.. وزراء ومرشحون للرئاسة.. دون أن أذكر أحداً باسمه.. المهم أن نلتزم بالنتيجة، وأن نحترم الفائز عبر صناديق الاقتراع.. «الكتاتنى» يقول: سأتعاون مع الرئيس أياً كان! لا يهم من يأتى عبر الصندوق.. طالما نزلنا وعبرنا عن إرادتنا الحرة.. طالما كانت الانتخابات نزيهة وشفافة.. أعتقد أن العملية كلها تحت الميكروسكوب.. كاميرات الفضائيات تجوب الشوارع.. المراقبون الدوليون يتابعون عن كثب.. الإعلام الأجنبى موجود.. صحافتنا الحرة موجودة.. إرادة القضاة وإرادة الجيش.. شىء يفرح.. شىء حضارى.. هذا هو المكسب الكبير، مهما اختلفنا مع الفائز! فاز فرانسوا أولاند، بأكثر من واحد وخمسين بالمائة، وأصبح رئيساً للجمهورية الفرنسية.. اعترف ساركوزى بالهزيمة، وهنأ منافسه.. «ملحوظة: حصل ساركوزى على أكثر من 48 بالمائة من أصوات الناخبين».. هذه هى الديمقراطية.. أن تقبل بنتيجة الانتخابات.. أهم شىء أننا أرسينا مبدأ الانتخاب.. الرئيس القادم يعرف أنه خادم بدرجة رئيس، ويعرف أنه بدأ مشواره من طابور الانتخابات!


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية