الاستجواب لا يقتصر على البرلمانيين وحدهم.. من حق الصحافة أن تستجوب المسؤولين، إذا كان المسؤولون يعتبرون الصحافة سلطة رابعة، لا كلام جرايد.. وفى العادة يكون الاستجواب للحكومة، ولا يكون لرئيس الجمهورية.. لكن فى الحالة المصرية الاستجواب قد يكون للمجلس العسكرى باعتباره الحكومة والرئاسة فى وقت واحد.. وإن كانت الحكومة موجودة وقائمة شكلياً! الاستجواب الذى أعنيه، وينبغى أن يرد عليه العسكر، فى اجتماع اليوم مع رؤساء الأحزاب والقوى السياسية، له أبعاد ومحاور مختلفة.. الأول: الرد على بيان حملة المشير رئيساً.. الخاص بالبقاء فى الحكم، أو استفتاء الشعب على البقاء والرحيل.. الثانى: الدعوة إلى فرض الأحكام العرفية، والانفراد بحكم البلاد.. الثالث: فتح الملفات والكلام عن خونة وعملاء يريدون حرق البلاد باسم الثورة! الرابع: الرد على ما أثير بشأن إحالة مشروع قانون يحظر الفلول إلى المحكمة الدستورية العليا.. الخامس: موقف العسكر من الكلام حول تأجيل انتخابات الرئاسة لحين وضع الدستور أولاً.. أتصور أن رؤساء الأحزاب الذين يجلسون فى أدب، ولا يستطيعون السؤال عن أى شىء، ينبغى أن يعودوا اليوم بإجابات واضحة عن هذه الأسئلة، أو الاستجواب الذى يحمل اتهامات، أكثر مما يحمل من علامات الاستفهام! أمام المجلس العسكرى اليوم أن يجيب عن هذه الأسئلة.. أن تكون موضع نقاش مع رؤساء الأحزاب.. أن تكون موضع مؤتمر صحفى.. أن تكون موضع بيان، يحدد موقفه من بيانات حملة المشير، وما يقال عن افتعال كارثة تنتهى بالأحكام العرفية، فضلاً عن نيته تأجيل انتخابات الرئاسة بدعوى وضع الدستور.. وحبذا لو كان البيان يحمل اعتذاراً عن تأخير وضع الدستور من الأصل بدلاً من الإعلان الدستورى! قبل مليونية الجمعة سمعت من مصادر مختلفة أن الاتجاه الآن نحو افتعال كارثة كبرى.. تنتهى بأن يقوم العسكر بإعلان الأحكام العرفية.. وكله يرجع «بيتك بيتك».. لا انتخابات ولا رئاسة، ولا تسليم سلطة.. بعضهم راهن بأن يحلق شنبه لو غادر العسكر السلطة بشكل كامل.. وأظن أن الإخوان يفهمون هذه الرسالة، ولذلك خرج محمد مرسى، بالأمس، يؤكد أن العسكر هم الذين سيختارون أى وزير دفاع قادم! فهمت، بطريقة أو بأخرى، أن بيان حملة المشير حول الاستفتاء وإعلان الأحكام العرفية يتسق مع كلام مصادر ومراقبين هنا وهناك.. لا أخفى حالة الانزعاج والقلق التى ساورتنى.. ولا أخفى أن نقاشات دارت عن ثورة جديدة، لكنها توقعتها أكثر دموية.. وقد تؤدى إلى فوضى لا تطال مصر وحدها، ولكن تؤثر على المنطقة كلها.. ومن هنا كانت الحاجة إلى مكاشفة تحافظ على نصاعة تاريخ القوات المسلحة! من المؤكد أن المجلس العسكرى يريد أن يحافظ على وضع معين.. يختص بالوضع الدستورى والوضع الاقتصادى.. وبالتالى لابد أن يكون هذا الكلام محل تفاهمات، على غرار النموذج التركى.. يترك فيها الجيش السياسة لأصحابها، ويقوم هو على خدمة وتأمين حدود البلاد وحمايتها من العدوان.. نريد وضوحاً للرؤية، إن كنا نريد انتخابات رئاسية لا يلعب فيها العسكر، وإن كنا نريد دستوراً للمستقبل! فى تقديرى أن محمد مرسى أرسل رسالة للعسكر المجتمعين اليوم، مع الأحزاب، حين قال: «المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو المعنى بالتشاور فى اختيار وزير الدفاع».. فى سؤال عمن يختار وزير الدفاع، فى أى حكومة جديدة، لو كان محمد مرسى رئيساً للبلاد؟.. وهى إجابة من الآخر، لو كان العسكر يتخوفون من رئاسة الإسلاميين للبلاد!


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية