لا يمكن أن تكون حملة المشير رئيساً بعيدة عن المشير نفسه.. ولا يمكن أن تكون دون علمه.. وبالتالى نحن أمام حاجة من اتنين: إما أنها حملة بعلم المشير، وإما أنها حملة بعلم المشير.. لا شىء آخر.. وهنا نصبح أمام سؤالين، الأول: هل المشير يدفع فى سكة تولى رئاسة الجمهورية؟.. والثانى: هل ما قاله المشير عن عدم ترشحه للرئاسة كان مجرد كلام ابن عم حديت؟!

ومن المؤكد أن هناك أسئلة أخرى أكثر خطورة.. منها: هل المشير لا يعلم بما يجرى؟.. وهل هناك نية للانقلاب على الثورة؟.. وهل هناك اتجاه لعسكرة الحكم من جديد؟.. وهل ما قلناه عن وطنية المؤسسة العسكرية لا يحتمل أن تكون هذه الوطنية بعيدة عن السلطة وصنع القرار؟.. ولك أن تضع أسئلة أخرى أكثر حساسية، لكنها فى كل الأحوال كاشفة لحجم الخطر الذى يحدق بالثورة!

الآن، لا عمرو موسى، ولا البرادعى، ولا العوا، ولا غير هؤلاء، يستطيع أن يلعب.. لا مجال للعب ولا للترشح للرئاسة، إذا نزل المشير طنطاوى الملعب.. من جهة لأن اللعبة محسومة، ولأن المعركة غير متكافئة.. ومن جهة أخرى لأن المشير يلعب ومعه السلطة والسيف والذهب.. ولهذا شعرنا بالقلق يوم نزل المشير وسط البلد ببدلة مدنية.. وقلنا دولة مدنية حقيقية لا بدلة مدنية!

وأظن أن الذين يديرون حملة «المشير رئيساً» لا يستوعبون حجم الغضب فيما لو ترشح المشير.. ليس لأن هناك خلافاً على شخص المشير بقدر ما هو خلاف على المبدأ، وهو فكرة عسكرة نظام الحكم.. وما كانت الثورة لتكون هناك دولة دينية أو عسكرية، تحت أى ظرف من الظروف.. بحجة أن الدولة العسكرية أرحم من الدينية.. فكلتاهما خطر، وكلتاهما شر مستطير!

انزعجت لأن المشير سكت، حين أعلن البرادعى وموسى الترشح.. وفجأة، وجدناه يدفع جماعة هنا أو هناك.. مرة لجس النبض، وأخرى لفرض أمر واقع.. فى ظل فوضى هنا وهناك.. ومن هنا لا يجد رجل الشارع بديلاً غير الحكم العسكرى لضبط شؤون البلاد.. فلماذا لا يضبطها الآن؟.. ولماذا لا يتحرك فوراً، وهو الذى يدير وهو الذى يحكم؟.. تفسيرى حتى نصل للنتيجة نفسها: حكم العسكر!

هذه قراءة فى الأحداث لا تخفى علينا.. يريدونها فوضى، فيستسلم الناس للقضاء والقدر.. فى الوقت الذى تطرح فيه جماعة «المشير.. رئيساً».. ثم يقول الرأى العام: ولم لا؟.. فقد حمى الجيش الثورة.. كما أن المشير مواطن مصرى ووجه مقبول.. والدستور لا يمنع.. فارق بسيط وهو أن يخلع المشير البدلة العسكرية، ثم يرتدى بدلته المدنية فى اليوم التالى، وخلصت الحدوتة!

وأكاد أفهم الآن لماذا قال كثير من المقربين إن المرشح الحقيقى للرئاسة لم يظهر بعد؟.. وأكاد أتصور أنها كانت بالونات اختبار، ليس هدفها التشكيك فى المرشحين المحتملين، وإنما القطع بأن هناك مرشحاً يختبئ فى الذرة.. كل ما فعله أن يصمت قليلاً، ويتفرج، ويسخر قائلاً للمرشحين: «خليهم يتسلوا»!.. المقولة الشهيرة والمدرسة الشهيرة.. وهى مدرسة مبارك!

الأولى بالمشير والمجلس العسكرى أن يضبط حركة البلاد، وأن يعيد الأمن والاستقرار.. فاللعب على ورقة الفوضى ستكون فى النهاية قاصمة للجميع، وستواجه المشير و«العسكرى» فى الحالتين.. إن أصبح رئيساً للبلاد فى الفترة الانتقالية، أو إن استمر رئيساً للمجلس العسكرى وقائداً للقوات المسلحة!

 


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية