هل ينتحر مبارك قبل مثوله للمحاكمة، فى أغسطس؟.. هذا السؤال طرحته منذ أيام.. وقلت: لا أظنه ينتحر.. وكان هذا هو الجواب الذى انتهيت إليه.. لكننى قدمت مجموعة من المبررات، تؤكد أنه لن ينتحر.. ولن يعتذر.. ولا يفكر لا فى الاعتذار ولا الانتحار.. ثم وجدت صدى لهذا الكلام فى جريدة " صوت الأمة" فى عددها الجديد.. وكان المانشيت الرئيسى هكذا.. أطباء: مبارك ينتحر!

استطلعت " صوت الأمة" آراء عدد من المتخصصين.. قال بعضهم إن تقرير الحالة الصحية للرئيس السابق، يؤكد أنه فى حالة مزرية.. وبالتالى فهو قد مات من الناحية العلمية.. يقولون إنه مات طبياً، وقلبه مهدد بالتوقف.. ثم راحت الجريدة تقول إنه قد يحاول الانتحار بسبب الاكتئاب، ويشعر بالخزى.. والعار يلاحقه.. وقد اختلفت فى المبررات التى سقتها، مع ما تقوله "صوت الأمة" من مبررات.. قد تدفعه للانتحار!

الأطباء المعالجون يقولون إنهم شاهدوا إنساناً آخر غير مبارك.. بمعنى أنه واحد غير الذى كان يملأ الدنيا ضجيجاً، وتظهر عليه أبهة الحكم.. على الأقل لم يكن هو الذى كان يوم خطاب التنحى.. هؤلاء يرون أنه ممكن ينتحر.. خاصة أنه كقائد عسكرى، يرى أن تاريخه ينهار.. وفى هذه الظروف يحاول المكتئب أن ينتحر، بنسبة 15٪.  لكنهم يرون أن حالة مبارك، قد تضاعف هذه النسبة.. ولكن حين يراجعون شخصية مبارك، يقولون إنه لا يمكن أن ينتحر، بطريقة مباشرة، ولكن عن طريق الامتناع، عن تناول الطعام والدواء!

وربما تكون هى نفس النتيجة، التى انتهيت إليها.. خاصة أنه قد يرى حالة من النكران أو الخيانة والجحود.. وكلها افتراضات لا تراعى الحالة الشخصية، وإنما الحالة المرضية للرئيس السابق.. فهو عنيد.. كان يفاخر بأنه حاصل على دكتوراه فى العند.. أو حاصل على تطمينات، تجعله لا يأبه بما يدور فى وسائل الإعلام.. ولا حتى بما يجرى من صخب فى ميدان التحرير!

وكنت قد حاولت المقارنة، بينه وبين السادات وعبدالناصر، فى هذه اللحظة وقلت: لم أسأل صديقى الدكتور محمود جامع، صاحب كتاب "عرفت السادات"، عن موقف "السادات" فيما لو كان مكان الرئيس مبارك الآن.. لم أسأله بالقطع هذا السؤال.. ولكنى أستطيع تخمين الإجابة من عدة نواح.. الأولى: أن السادات كان يستطيع بدهائه، أن يتجاوز مرحلة الوصول إلى لحظة الإطاحة به.. الثانية: أنه لم يكن ينتظر أن يعزلوه أويحاكموه.. الثالثة: كان من الممكن أن ينتحر!

والذين شاهدوا حادث المنصة عام 1981 وعاصروه، يعرفون أن السادات لم يصدق أن أبناء القوات المسلحة، يطلقون عليه الرصاص فى يوم 6 أكتوبر.. ووقف شامخاً يتلقى الرصاص فى صدره وقلبه.. وهى تدل على إحساس عارم بالكرامة، أكثر من الإحساس بالصدمة.. وبالتالى وقف صامداً لا يصدق.. ولا أعرف ماذا يفعل مبارك؟.. ولا أعرف أيضاً ما هو تفسير، عالم النفس الكبير أحمد عكاشة لهذه الحالة؟.. أسئلة كثيرة لم أسأل فيها محمود جامع.. لا عن السادات ولا مبارك.. ولم أسأل فيها أيضاً الدكتور عكاشة!

ربما كان السادات ينتحر.. وربما كان عبدالناصر ينتحر.. لكن مبارك لا يفعلها.. فمن الجائز أنه حين يرى القذافى وصالح، يتولد عنده شعور آخر بأنه يستحق التكريم، أكثر مما يستحق المحاكمة.. هذا هو الفارق بين ناصر والسادات ومبارك.. ولهذه الأسباب لا ينتحر ولا يندم، ولا يشعر أنه خرب البلاد!


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية