لا أتصور أبدا أن أرى مسئولا عربيا مسلما، في حجم رئيس دولة أو ملك أو وزير، يضع يده في أيدي الصهاينة الملوثة بدماء إخواننا الفلسطينيين، وأن يلاقيهم بالأحضان والقبلات ويآكلهم ويشاربهم، ويتباسط معهم ويضحك في وجوههم .. ولكننا والله في زمن العجائب، فقد رأينا هذا المشهد يتكرر خلال محرقة غزة وقبلها وبعدها، رأينا رؤساء عرب ووزراء ومسئولين كبار، يلتقون بمسئولين صهاينة، وكأن شيئا لم يكن، وهذا للأسف يتنافي مع كل المواثيق والأعراف والقواعد الأخلاقية التي نؤمن بها نحن العرب والمسلمون.

وللأسف الشديد تحدث هذه اللقاءات الملعونة تحت ستار التطبيع مع اليهود، ولقد كتبت منذ فترة أحذر وبشدة من التطبيع مع اليهود الذي لا نجني من ورائه الا الثمار المرة، وقلت ان فتح أبواب الدول العربية والإسلامية لليهود جريمة كبرى في حق هذه الأمة وفي حق شعوبها المسلمة، التي ترفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، فلا يخفى على أحد ما تسعى إليه إسرائيل والصهيونية العالمية من وراء علاقاتها الاقتصادية ووفودها السياحية الى الدول العربية والإسلامية، وحرصها الشديد على إقامة علاقات اقتصادية وتجارية وتنشيط السياحة وعقد الاتفاقيات بشأنها مع بعض الدول العربية التي تطبع علاقتها مع العدو الصهيوني، فالوفود السياحية اليهودية على سبيل المثال تقوم بوظائف عدة لخدمة الكيان الصهيوني، ممثلة في التجسس ونشر المخدرات والأفكار والمعتقدات الشاذة كعبادة الشيطان والشذوذ والدعارة والإباحية وإفساد الشباب، ونشر الأمراض الخبيثة كالإيدز وغيره.. وهذا تخريب متعمد ، وإفساد مقصود للقيم والأخلاقيات.

ولا شك أن التطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي ترفضه الشعوب العربية والإسلامية، يتم على المستوى السياسي والاقتصادي بين الحكومة الصهيونية وبعض الحكومات العربية العاشقة لهذا التطبيع، والتي لا تحترم إرادة شعوبها، وتسير على قدم وساق لتحقيق هذا التطبيع الممقوت من خلال اللقاءات التنسيقية والأمنية أو المعاهدات والاتفاقيات .. وهذا التطبيع يعد من أكبر المفسدات التي تستهدف الأمة، فاليهود يريدون اختراق هذا الحصار الثقافي الذي يحصن حضارتنا العربية والإسلامية العريقة، ومحو هذه الفوارق، ولا غرابة في ذلك، فلدى إسرائيل مفهوم خاص للتطبيع تعمل على تطبيقه بكل حذافيره ، وهو العمل على إحداث تغير على الجانب العربي ، ويبدأ هذا التغير بضرورة تقبل إسرائيل أولا ، ثم يمتد إلى قدراتنا العسكرية، وتغير معتقداتنا السياسية والثقافية، ولهذا ركز المفهوم على ضرورة فتح الأبواب أمام حركة الناس وتبادل المعلومات والثقافة والعلوم بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية.

ولقد كشفت دراسة إسرائيلية في السنوات الأخيرة عن تضاعف حجم التجارة السرية بين إسرائيل والدول العربية ، مشيرة إلى أنها بلغت حوالي 400 مليون دولار سنويا ، وهو ما يتجاوز ضعفي حجم التبادل التجاري المعلن بين إسرائيل ومصر والأردن. وقالت صحيفتا "نيويورك تايمز" الأمريكية و "هآرتس" الإسرائيلية " في تقريرين لهما حول هذا الموضع إنه من الصعب تحديد حجم التجارة السرية أو الواردات العربية من إسرائيل، لأن إسرائيل أصبحت تستخدم الآن دولة وسيطة لتصدير إنتاجها إلي الدول العربية، وأشهر دولتين تعملان كوسيط بين إسرائيل والدول العربية هما هولندا وقبرص.

وأكدت الدراسة أن الصادرات الإسرائيلية للدول العربية تأخذ ثلاث أشكال أولها المعدات الزراعية مثل معدات الري ولقاحات التطعيم الحيوانية ، والمعلومات التكنولوجية ومكوناتها ، بالإضافة إلي البذور الزراعية المعالجة وراثيا. وأوضح أن إسرائيل تستخدم شهادة منشأ لبناني لكثير من منتجاتها لتسهيل تصديرها إلي الدول العربية.

إنها كارثة بكل المقاييس جلبها لنا سادتنا وكبرائنا، ونحن نبرأ الى الله من عملهم هذا ، ومن كل مسئول يضع يده في أيدي اليهود الملوثة بدماء البشر، ويرضى بالدنية في دينه، كما نبرأ الى الله من معاهدات الاستسلام التي عقدوها مع الصهاينة، فكيف نسالم قوما يغتصبون دولة إسلامية بأكملها ويعيثون فيها فسادا وقتلا وسفكا للدماء وانتهاكا للأعراض وتدنيسا للمقدسات؟!.

أحمد أبو زيد

a_abozied@hotmail.com

 


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية