كتب شريف الشوباشي مقالا في جريدة الأهرام، 6 ابريل تحت عنوان "هل تقطع يد السارق؟"، يتساءل فيه بشكل استنكاري: هل نعيش اليوم الذي تقطع فيه يد السارق في مصر، وترجم الزانية بالحجارة حتى الموت؟، ثم يجيب على نفسه (مدعيا) فيقول: اعتقد أن غالبية الشعب المصري لا تريد أن تعيش هذا اليوم.

ولقد ذكرني هذا الكلام بالمخرجة إيناس الدغيدي، عندما سئلت مرة في أحد البرامج الفضائية: متى يمكن أن نرى إيناس الدغيدي ترتدي الحجاب؟، فرفعت يدها وبصرها إلى السماء وقالت: "يارب ما تكتبها عليّ".

انه فكر واحد لنماذج من رموز الصحافة والفن، الذي ساهموا بقدر وافر في إفساد الحياة الإعلامية والفنية في عهد مبارك، ومازال عدد كبير منهم ينعقون في وسائل الاعلام، ويهرفون بما لا يعرفون.

الأول: يرد أحكام الله ويرفض حدا معلوما من الدين بالضرورة، "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما فعلا نكالا من الله والله عزيز حكيم" المائدة/ 38، ويدعى، زورا وبهتانا، أن غالبية الشعب المصري على هذا الفكر الضال، وأنهم يرفضون أحكام الله، ولا يريدون اليوم الذي تقطع فيه يد السارق، وترجم فيه الزانية، وكأن الشعب المصري قد تحول الى قطعان من السارقين والزناة، وأنهم يخافون على أيديهم من القطع، وأجسادهم من الرجم.

والثانية: تكره الطهر والعفاف، وتسخر من الحجاب، وتتمنى على الله أن تقابل الموت ولا ترتدي الحجاب، فلا يأتي عليها يوم وهي محجبة، وهذه بفكرها تذكرني بمشركي مكة عندما واجهوا دعوة الحق التي جاء بها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، بدعائهم وقولهم: "واذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم"سورة الأنفال/32 ، فقد طلبوا أمطار الحجارة والعذاب الأليم، ولم يطلبوا أن يهديهم الله لهذا الحق.

واني لأعجب من كاتب مثل الشوباشي لا يفهم من الإسلام إلا قطع يد السارق ورجم الزناة، وأن الشريعة الإسلامية ما هي إلا الحدود، وهذا – للأسف الشديد- فكر خاطيء ينتشر بين عدد من المسلمين في مصر، ويروج له أعداء الإسلام من الشيوعيين والعلمانيين، الذين يخوفون الناس من الإسلام وشريعته، واني لأوجه اللوم لعلماء الإسلام في الداخل والخارج الذي أهملوا في استبانة هذا الأمر، لكي يزيلون اللبث في فهم الإسلام لدي الكثيرين من أبناء مصر وغيرها.

فالإسلام الذي لا يفهمه الشوباشي وغيره منهج حياة كامل، والحدود التي يخافون منها ما هي الا جزءا أقل من اليسير ضمن القانون الجنائي الإسلامي، والذي هو جزء من منهج الإسلام وشريعته، ولو طبقنا هذا المنهج وما فيه من عدل ورحمة وحرية وتكافل اجتماعي وتعاون اقتصادي وتنمية بشرية، قد لا نجد السارق الذي تقطع يده، لأن الناس ساعتها سوف يحصل كل منهم على كفايته، ولن يضطر أحدهم الى السرقة والسطو على أموال الغير وحقوقهم.

أما في ظل غياب الإسلام وشريعته، والحكم بقوانين وضعية، انتشرت السرقات، وطالت أيادي السارقين واللصوص الأموال الخاصة والعامة، ونهبت خيرات مصر، وتعرض الشعب بأكمله لسرقة أمواله وأراضيه وممتلكاته، وهي ما تحاول مصر اليوم استردادها ممن نهبوها وسرقوها، بداية من الرئيس السابق وعصابته وانتهاء برجال الأعمال، الذين منهم من يقبع اليوم في السجون ومنهم من ينتظر.

إنني هنا لا أتحدث عن سارق يسرق ليأكل ويسد جوعه وعوزه وحاجته، ولكني أتحدث عن اللصوص الكبار الذين سرقوا المليارات، وحولوها إلى حساباتهم في بنوك أوربا وأمريكا، كما سرقوا أراضي مصر ليبيعوها بالمليارات، وتمتلأ كروشهم وجيوبهم بالملايين والمليارات، في الوقت الذي يعيش فيه أغلب الشعب المصري الصاحب الحقيقي للمال والأراضي المنهوبة تحت خط الفقر، ولا يجد قوت يومه.

فهل تدافع يا شوباشي عن حرامية مصر ولصوصها، وتخاف على أيديهم من القطع ، ولو أن أحد هؤلاء اللصوص الكبار قطعت يده يوم امتدت على المال العام لصار عبرة لغيره وارتدع الآخرون، ولأمن المجتمع كله من اللصوص الكبار ومن عصابات السطو والبلطجة والسرقة.

لماذا تخاف على أيدي اللصوص في مصر، وما سرقوا وتجرأوا على المجتمع الا عندما أمنوا على أيديهم من القطع، ولو قطعت يد سارق واحد، وهي يد خائنة، لخاف الملايين وأمن المجتمع؟

ولماذا تخوفون الناس من الإسلام، وتريدون للشعب المصري أن يحيا حياة الضنك، ويتخبط في الظلمات، ويغرق في المشكلات، وهو بعيد عن الله ومنهجه وشريعته؟.. لقد جربنا في مصر كل الأنظمة الوضعية من اشتراكية ورأسمالية، وفشلت جميعها في حل مشاكلنا، وتوفير حياة كريمة عزيزة للشعب، فدعوا الناس يجربون الإسلام من منابعه الصافية، لكي نرى النتيجة، وصدق الله سبحانه اذ يقول: "يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم" الأنفال/ 24.

   أحمد أبو زيد

a_abozied@hotmail.com

 


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية