أعلن القائمون على حديقة ميلووكي للحيوانات (جمعية علوم الحيوان في مقاطعة ميلووكي في حديقة واشنطن بالولايات المتحدة) أن إنسان الغابة قد يتمكَّن قريبا من الاستفادة من إحدى تطبيقات جهاز "الآيباد" بحيث يجري عبره مكالمات بالفيديو مع أصدقاء له في حدائق حيوانات أخرى.

وأضافوا أن عشَّاق التكنولوجيا الجدد من هذا النوع من الحيوانات، وهي نوع من القردة الضخمة ذات الشعر البني المائل إلى الحمرة ولها رأس كبير ورقبة سميكة وبدون ذيل، دأبت على اللعب بأجهزة الآيباد منذ تقديمها لها في شهر مايو الماضي.

وقال ريتشارد زيمرمان، وهو عالم في مجال الحفاظ على البيئة، إن الخطوة التالية ستكون تزويد القردة بخدمة واي فاي (Wi-Fi)، أي الربط بالإنترنت لاسلكيا، الأمر الذي سيمكِّنها من التواصل مع أصدقاء لها من القردة المتواجدين في حدائق أخرى للحيوانات.

رفع الوعي

وعبَّر زيمرمان عن أمله بأن تؤدِّي التجربة إلى رفع الوعي تجاه الحيوانات البرية المهددَّّة بالانقراض، وإلى جمع الأموال اللازمة لحماية تلك الحيوانات.

وأضاف زيمرمان، وهو يعمل لصالح جمعية التوعية بإنسان الغابة الخيريَّة ومقرُّها الولايات المتحدة، أنه كان يودُّ إعطاء أجهزة آيباد إلى القردة ليرى كيفية تعاملها معها، مشيراً إلى أن الفكرة خطرت بباله للمرََّة الأولى مع إطلاق الجهاز في شهر يناير من عام 2010.

وأردف قائلا: "لقد خطرت الفكرة الأصلية لي بالضبط عندما قدَّم ستيف جوبز عرضه الافتتاحي خلال التعريف بجهاز آيباد."

وقال: "وبشكل مستقل، كان أحد الداعمين لفكرتنا في حديقة ميلووكي يُري القردة جهاز الآيباد الخاص به، وقد أبدت القردة انبهارها بالجهاز. وهكذا، بدأنا نضع الأمور في نصابها."

تطبيقات وألعاب

وأوضح زيمرمان كيف أنهم بدأوا يعرِّفون إنسان الغابة في حديقة ميلووكي على بعض التطبيقات البسيطة، مثل رسم لعبة دودل بادي.

وقال زيمرمان إن الفكرة كانت في البداية ترمي إلى تقديم "شيء من التسلية" للحيوانات التي كانت تُقدَّم لها أجهزة الآيباد فقط لفترتين قصيرتين كل أسبوع.

وأضاف: "ما نودُّ فعله حقاً هو السماح لإنسان الغابة باللَّعب حقَّاً، أي ممارسة الرسم ومشاهدة لقطات الفيديو، لنقل أن يفعل تقريبا كما يمكن لطفل بشري أن يفعله عندما يكون لديه الحد الأساسي من الفضول."

ورأى زيمرمان أن الحيوانات أصبحت أسيرة لمشاهدة التلفزيون عبر أجهزة الآيباد، وخصوصا عندما كانت تشاهد حيوانات أخرى مثلها من إنسان الغابة وهي تُعرض أمامها على الشاشة. وكانت دهشتها تزداد أكثر فأكثر عندما كانت ترى وجوه حيوانات تألفها وتستطيع تمييزها."

وتابع قائلا: "هي تعشق الصور المتحرِّكة، وتهوى الأشياء البرَّاقة اللاَّمعة، كما تحبُّ أن تتسلَّى أيضا."

خدمة واي فاي

ومضي إلى القول: "هي تحب الأشياء الجديدة، ولذا فمن أولى الأشياء التي نعتزم فعلها لتكامل المشروع هو التأكُّد من أن التجهيزات تتضمَّن إمكانيات واي فاي، وبالتالي تستطيع القردة عمليا الوصول إلى قدر غير محدِّد من المعلومات عبرها، وبالطبع بمساعدة وإرشاد القائمين على تطبيق الفكرة."

ورأى زيمرمان أن الجانب الأكثر إثارة من غيره في الموضوع هو مراقبة ردّ فعل الحيوانات على رؤية أنفسها والقردة الأخرى على الشاشة أمامها."

وقال: "تعشق حيوانات إنسان الغابة مشاهدة بعضها البعض"، مشيرا إلى أن أحد القردة، وعمره 31 عاما، معجب ببرامج الإعلامي البريطاني ديفيد أتنبرا عن التاريخ الطبيعي.

وأضاف: "هذه الحيوانات تعشق مشاهدة اللقطات التي تظهر هي فيها، وبالتالي يمكننا القول إن الأمر هنا ينطوي على بعض الإحساس بالغرور. كما تحب أيضا مشاهدة اللقطات التي تظهر فيها حيوانات إنسان الغابة الأخرى التي تكون على الطرف الآخر من السياج داخل الحديقة."

ومضي إلى القول: "وهكذا، فإنْ قمنا بدمج شبكة الكاميرات وربطها مع بعضها بعض، فستستطيع الحيوانات مشاهدة بعضها البعض."

توفير الأجهزة

وقيل إن المراكز الأخرى وحدائق الحيوانات والمحميات الطبيعية تريد أيضا الدخول "فورا" بالمشروع، وهي تنتظر فقط توفُّر المزيد من أجهزة الآيباد.

وحول ذلك قال زيمرمان: "لقد اقتصرنا على حديقة ميلووكي، لأننا لم نتمكَّن من الحصول على العدد الكافي من أجهزة الآيباد."

وأضاف: "نحن بانتظار وصول أجهزة آيباد ثلاثة (iPad 3)، وذلك لكي تصبح أجهزة آباد واحد (iPad 1) من الأشياء التي عفا عليها الزمن حقَّا، وبالتالي نتمكَّن من الحصول على المزيد من تلك الأجهزة."

وتابع: "بوضوح، سوف يكون بإمكاننا الذهاب وشراؤها، ولكن أحد الأمور التي نسعى حقَّا للالتزام بها هي التأكُّد من أن تمويلنا يذهب فعلا إلى القردة المحتاجة بالفعل من حيوانات إنسان الغابة."

لكن هنالك ثمة مشكلة أخرى يواجهها زيمرمان، ألا وهي حماية أجهزة الآيباد، إذ لم يجرؤْ على ترك الحيوانات تجري بها وتأخذها معها إلى أقفاصها داخل الحديقة.

اختزال العمر

وقال زيمرمان: "حالما نقوم بتسليم الأجهزة إلى القردة، نتوقَّع أن يُختزل عمر الجهاز الواحد منها إلى مجرَّد 15 ثانية فقط، سواء أقامت الحيوانات بتحطيمها قطعة قطعة، أم قسمتها إلى جزأين."

وفي الوقت الراهن، يتعيَّن على القائمين على الحديقة الإمساك بأجهزة الكمبيوتر اللوحية بينما تصلها الحيوانات من بين قضبان سور القفص الكبير داخل الحديقة وتتفاعل معها بإصدار التفاتات وإشارات بسيطة.

ويتطلَّع القائمون على التجربة الآن إلى بناء جهاز آيباد مدعَّم وقويٍّ ليكون ملائما إلى درجة يمكن رميه إلى الحيوانات داخل القفص، أو ربَّما تثبيته على جدار وتوجيهه نحو جهاز عرض كبير يمكن مشاهدته من قبل زوَّار الحديقة.

وبالإضافة إلى ذلك، قال زيمرمان إن هنالك مطوِّرين حريصون على إضافة تطبيقات خاصَّة بإنسان الغابة، مستخدمين بذلك تقنيات تصميم شبيهة بتلك المعتمَدة في البرمجيات الموجَّهة إلى الأطفال اليافعين.

لا بحوث

وعلى الرغم من أن القائمين على الحديقة يراقبون الحيوانات بداخلها بشكل كثيف ومركَّز، فلا يوجد حتى الآن أي بحث سلوكي رسمي حول التجربة، الأمر الذي قد يتغيَّر في المستقبل القريب.

وحول ذلك قال زيمرمان: "لا بد أن يخرج بحث عن الموضوع، ونحن نعلم ذلك، ولكن كمؤسسة خيرية تصبُّ جلَّ اهتمامها على الحفاظ على الطبيعة، فنحن نركِّز على إغناء التجربة والتأكُّد من أن هنالك ثمَّة رسالة بشأن الحفاظ على الطبيعة."

وأضاف زيمرمان أن هنالك بحوثا مكثَّفة كانت قد أُجريت في حديقة الحيوانات في أتلانتا حول الغوريللا والشاشات التي تعمل باللَّمس، وقد استمرَّت تلك البحوث لعدَّة سنوات.

وأكَّد على أنه لم يُنفق أيٌّ من المبالغ التي كانت قد تبرَّعت بها مؤسسة "التوعية بإنسان الغابة" على تطوير أجهزة الكمبيوتر اللوحية.

إنسان الغابة وآيباد

قال زيمرمان إن إن هنالك مطوِّرين حريصون على إضافة تطبيقات خاصَّة بإنسان الغابة

وقال زيمرمان إن الموضوع كان عبارة عن نوع من التحوٌُّل في التسلية بالنسبة لزوَّار الحديقة، قائلا إن أجهزة الآيباد يجب ألاَّ تشتِّت الأنظار عن التهديدات الخطيرة التي تواجهها الحيوانات، ومشيرا إلى أن إنسان الغابة هو من بين الأنواع الأكثر عرضة للانقراض في العالم.

وأضاف: "لقد أصبح الأمر وسيلة لإدرار الدخل على الجمعية، وحقيقة لا يوجد حدٌّ لما يمكن أن نفعله."

أمَّا جينيفر ديليبيرتي، المتحدِّثة باسم حديقة ميلووكي للحيوانات، فقالت في مقابلة مع بي بي سي إن أجهزة الآيباد تساعد على الإبقاء على الحيونات بحالة جيِّدة.

وأضافت: "لقد تمَّ كل ذلك كنوع من الغنى والإثراء، أي تدريب الحيوانات على استخدام عقولها، والإبقاء عليها نشيطة وسليمة عاطفيا."

وختمت بقولها: "إن العمل الذي نقوم به الآن باستخدام أجهزة آيباد هو مجرَّد خطوة أولى، وهي مثيرة للغاية."

 

 


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية