هل يمكن أن ينتزع الأوسكار من خطاب الملك والشبكة الاجتماعيه؟

وجود فيلم للأخوين "جويل وإيثان كوين"ضمن العشرة أفلام المرشحة للأوسكار هذا العام،يضعنا أمام عدة علامات إستفهام!

فيلم "عزيمة حقيقيه"true grit تم عرضه فى إفتتاح مهرجان برلين السينمائى، وكان عرضه التجارى فى الولايات المتحدة قد سبق عرضه فى المهرجان بعدة أسابيع،حقق خلالها ايرادات فاقت ال186 مليون دولار،رغم أن تكلفته بلغت 38مليون دولارفقط،وهو رقم متواضع بعض الشىء،والفيلم هو إعادة إنتاج لآخر يحمل نفس الإسم والموضوع تم إتقديمه  فى عام 1969 ولعب بطولته "جون وين" الذى كان يطلق عليه لقب"الدوق"،وهو واحد من أهم وأشهر من لعبوا أدوار رعاة البقر"الكاوبوى" فى افلام الغرب الأمريكى،وحصل "جون وين" على أوسكار عن دوره فى فيلم" عزيمه حقيقيه"! وعندما تكون أمام فيلم مكتمل العناصر الفنيه،لابد وأن تتساءل ما الذى يدفع البعض لإعادة إنتاجه؟

عبر بعض النقاد عن حيرتهم عندما أعلن الأخوين"جويل وإيثان كوين" عن نيتهما فى إعادة إنتاج فيلم"عزيمه حقيقيه" أوtrue grit،فهو يدور فى أجواء بعيده الى حد كبير،عن تلك التى تدور فيها معظم أفلام"كوين"،ولكن يبدو أن فكره تقديم فيلم عن الغرب الامريكى "الكاوبوى" كانت تلح على "الأخوين كوين" منذ  فترة،وخاصة وأن السينما الامريكيه هجرت تلك النوعيه منذ سنوات،بعد إنتشار افلام الخيال العلمى،وسيطرتها على إهتمام صناع السينما الامريكيه،وكان لافلام الغرب سطوه كبيرة فى سنوات الاربعينيات والخمسينيات وحتى منتصف الستينيات،وكان من أهم نجومها روبرت ميتشوم وجون وين،وكيرك دوجلاس،وسبنسر تراسى،كلارك جيبل،وبعد تقلص انتاج افلام الكاوبوى الامريكى،ظهر الكاوبوى الايطالى الذى اطلقوا عليه كاوبوى الاسباجتى،وكان من أهم مخرجى هذه النوعيه من الافلام سيرجيو ليونى ،أما بطل معظم هذه الافلام فكان كلينت إستوود،الذى قدم من أجل حفنة دولارات،ومن أجل مزيد من الدولارات،"هارى القذر" وغيرها،ولشخصية الكاوبوى ملامح شخصيه وفلسفه وقانون أخلاقى يلتزم به،فهو يتسم بالشجاعه والنبل يجيد أعمال الفروسيه وإستخدام المسدس أو البندقيه،يدخل المدينه وحيدا على ظهر جواده،ينحاز للضعفاء ويقاوم الاشرار،ليس له أصدقاء أو عائله،ينهى مهمته فى المدينه ثم يخرج وحيداً كما جاء،ليذهب الى قريه اخرى من قرى الريف الامريكى دون ان يفكر فى البقاء فى مكان واحد ،فشخصيته ضد الاستقرار!

واضح أن هناك شوق ما،أو حنين لإعادة شخصية الكاوبوى للسينما الامريكيه،وخاصة وأن أبناء الجيل الجديد فى الولايات المتحدة لم يتعلقوا بها،كما تعلق آبائهم،وكانت هناك عدة محاولات لأعادة التذكير بتلك الشخصية،من خلال أفلام مثل قطار الثالثه وعشر دقائق الذى لعب بطولته راسل كرو وهو إعادة لفيلم قديم يحمل نفس الاسم، أما المخرج ستيفين سبيلبرج فقد حاول من خلال سلسله افلام إنديانا جونز أن يعيد للاذهان شخصية الكاوبوى الأمريكى،من خلال سلسله أفلام إنديانا جونز،رغم أن بطل السلسله"هارسون فورد"هو بروفيسور  فى علوم التاريخ ،يقوم بعدة مغامرات خارقه،واراد له المخرج أن يكون قريبا من شخصية الكاوبوى فألبسه القبعه الشهيره التى تلازمه ولاتسقط عن رأسه إلا فيما ندر،كما أن ملابسه تقترب من ملابس الكاوبوى وفى عدد لابأس به من المشاهد يمتطى صهوة حصان ويطارد الاعداء،أو يطاردونه،أما سلسله افلام قصة لعبه"toy story" فأنها تدور حول اللعبه"وودى" التى تحمل ملامح وفلسفه شخصية الكاوبوى الشهيره،وهو ماأدى الى نجاح الشخصية وتعلق الاطفال بها،ف"وودى" لعبه خشبيه بسيطه"يؤدى دور البطوله الصوتيه النجم توم هانكس"،يرتدى ملابس الكاوبوى ويرتدى قبعته،وله أخلاقه وسماته ،وهو نبيل المشاعر،يتعلق بصديقه وصاحبه الطفل آندى،ويحافظ على حياة بقيه اصدقائه من اللعب،ويدافع عنهم ضد أى محاولات تدمير من الآخرين،وقد اصبحت اللعبه "وودى"،أيقونه لجيل التعسينيات والالفيه الثالثه!

يلعب دور البطولة فى فيلم"عزيمة حقيقية" الممثل "جيف بريدجز" الحاصل على أوسكار افضل ممثل فى العام الماضى عن فيلم"قلب مجنون" ويشاركه البطولة مات ديمون،وجوش برولين،والطفله "هالى ستينفيلد" 14 سنه، المرشحة للأوسكار هذا العام،أما الفيلم نفسه فهو مرشح ل 10 جوائز مقتربا بذلك من فيلمى "خطبة الملك" ،"الشبكة الإجتماعية- فيس بوك" ولا أستبعد حدوث مفاجآت لصالح "ألاخوين كوين"  فى نتيجه جوائز الأوسكار التى سوف تعلن مساء الأحد 27 فبراير!

وأحداث عزيمه حقيقيه تبدأ بمقتل تاجرثرى،على يد لص محترف،يرديه قتيلا بعد سرقه جواده وأمواله،ويهرب الى المنطقة الواقعه بين حدود أمريكا والمكسيك،وتقررابنة الثرى القتيل"ماتى روز" وهى فى الرابعه عشرة من عمرها أن تثأر لوالدها،والفتاه كما يقدمها السيناريو تتمتع بروح المغامرة والعناد،وقد كانت تشرف على أموال والدها لانها كبرى ابنائه،وتترك الفتاه قريتها،متجهه الى المكان الذى القريه التى شهدت مقتل والدها،لتتعرف على جثته،ورغم حبها الشديد وإرتباطها به،إلا أنها مثل "الصعايده عندنا" لاتبكى ولاتنوح،بل تزداد تصميما على الانتقام،وتستأجر أحد رجال الامن المشهود لهم بالحرفة والقدرة على تتبع المجرمين،ليعمل لحسابها مقابل مبلغ من المال،يلعب دوره جيف بريدجز،وهو رجل سكير،ومقامر،وثقيل الحركة نتيجه كبر سنه،وزيادة وزنه ولكنها تسمع عنه بعض الحكايات التى تتعلق بمهارته فى اصطياد الهاربين عن القانون،وتشترط عليه ان تصاحبه فى رحلته حتى ترى بعينيها مقتل الرجل الذى قتل والدها لتشفى غليلها منه،ويدخل على الخط رجل شرطه آخر يقرر تتبع القاتل،ليحصل على مكافآة ماليه،تم الاعلان عنها ،وفى رحلة البحث عن القاتل"جوش برولين" تصادف المجموعه المكونه من ثلاثه اشخاص،بعض المصاعب والمخاطر،وخاصة اثناء محاولة عبورالغابات التى تقع فى الجنوب وتقترب من الحدود المكسيكيه،حيث يتواجد الهاربين والمطاريد،وأثناء تلك الرحلة يحدث حالة من التعاطف بين الفتاة الصغيره،ومن إختارته أو إستأجرته للقبض على قاتل والدها،حيث يتحول اهتمامه من الرغبه فى الحصول على ثمن مقابل مايقدمه،الى الاهتمام بتحقيق رغبه الفتاه فى الانتقام من قاتل والدها،فقد اعجبه إصرارها وتفانيها وشجاعتها رغم صغر سنها،وهو الذى لم يعرف فى حياته معنى الابوة او قيمة وجود الانسان ضمن عائله،تهتم به حياً أو ميتأً،الأحداث ترويها الفتاه ماتى روز "بصوتها" بعد أن وصلت الى سن الشباب ،وهى تعيد سرد الحكاية،كما حدثت،وتنتهى بزيارة ماتى روز وقد اصبحت امراة يافعه الى قبر والدها لاحياء ذكراه بعد ان أخذت ثأره من قاتله،ولاتنسى فى نفس الوقت ان تزور قبر"روستر" أو جيف بريدجزر الرجل الذى ساعدها فى الانتقام من القاتل،وأنقذها هى نفسها من الموت المحقق! الفيلم يتمتع بلغه سينمائية شديدة الرقى،كعهدنا بالأخوين كوين،مضافا اليه مستوى اداء الممثلين وخاصة الطفلة "هالى ستينفيلد" المرشحه لاوسكار افضل ممثله،وجيف بريدجز الذى حظى بترشيح للأوسكار !للعام الثانى على التوالى،ورغم صعوبة تصور ان تخطىء الأوسكار طريقها الى كولين فيرث عن دوره العظيم فى خطبة الملك،أو نتالى بورتمان فى دورها الرائع فى البجعة السوداء ولكن فى الأوسكار كما فى الحياة كل شىء ممكن!


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية