دروس فن تكتيك عسكري جديد وضعته العقلية المصرية

كيف تحمي دولة من السقوط و تدك جبل إجرام من قلب مغارة فيه

 

جبل الحلال عبارة عن سلسلة طويلة و ضخمة من الجبال و المغارات و المدقات الوعرة بطول 60 كيلومتراً و كهوف يصل عمقها إلى 300 متر على إرتفاعات شاهقة في بطن الجبل و يشتهر بوعورة تضاريسه و قسوة طبيعته الصخرية .

و لكل تلك الأسباب إشتهر ذلك الجبل بأنه «تورا بورا» المصرية  و لذلك لا يبدو مفاجئاً أنه لم تدخله أي سلطة مصرية و لم تطأه قدم جندي مصري من قبل، بل و يعتبرونه أرض خارج سيطرة الدولة تماماً ، لذلك إشتهر هذا الجبل بأنه كان دائماً أسطورة الشر و الإجرام في سيناء ، و كان بمثابة المنطقة الآمنة و الحصن الحصين لعتاة المهربين و الخارجين على القانون من تجار المخدرات و السلاح .

 

و مع مرور الوقت تحول الجبل ليصبح الملاذ الآمن للارهاب و إدارة أعمال القتال الاجرامية لأنجاس بيت المقدس مستخدمين في ذلك أحدث المعدات و الأسلحة و الذخائر،و مستعينين بأحدث وسائل الاتصال المتقدمة و تدعمهم لوجيستيا دول الجوار و دول الشر و على رأسهم انجلترا و أمريكا و مركز العمليات الرئيسي لهذا الحصن كان في كهوف هذا الجبل تديره مخابرات عدة دول بتكتيكات حربية و قتالية معقدة جداً حيث أنها تشتمل على الآتي :

1 ــ أسلحة متطورة جداً تدار من بعد و تُستخدم فيها صور الأقمار الصناعية بإحداثيات محددة، و منها على سبيل المثال عملية إطلاق دانة هاون موجهة على كمين شرطي و إستشهاد 18 فرداً من الكمين، وهو سلاح يستخدم لأول مرة بتلك التقنية العالية جداً.

2 ــ إدارة شبكة مالية معقدة جداً لأعمال شراء الأسلحة و تمويل الجماعات الارهابية و عناصر التجنيد و المراقبة و التدريب، و قد تم ضبط كافة المستندات التى تدين شخصيات عالمية و محلية و أجهزة مخابرات دول (صديقة و معادية) .

3 ــ إكتشاف كافة الخلايا النائمة التي كانت تعمل فى الخفاء من خلال المستندات و الوثائق و المراسلات المضبوطة ، و تلك الخلايا كانت تمدهم بالمعلومات أو تتلقى تمويلات و المتورط فيها شخصيات مصرية و رجال أعمال و مستثمرين أجانب تحت غطاء و مسمى الاستثمار،و لكن الحقيقة هي التمويل لاستمرار أعمال الارهاب بعد أن جففت مصر إلي حد كبير مصادر التمويل .

4 ــ إكتشاف مخطط دولي لإثارة العالم ضد مصر و المطالبة بفرض الحماية على الأقباط في شمال سيناء بحجة إستهدافهم من قبل الارهابين  و تصوير الأمر على أن مصر غير قادرة على حمايتهم لذلك تم نقلهم لمناطق آمنة  و قد وجدت مستندات بأسماء و وظائف و محال إقامة المتآمرين فأفشلنا المخطط لذلك خرج خونة الوطن ليزعموا التهجير القسرى للأقباط .

هنا يبرز سؤال مهم  لماذا لم يقم الإرهابيين بتدمير تلك المستندات قبل إقتحام قوات الجيش ؟ و للاجابة على هذا السؤال يجب أن نعلم كيف تمت إدارة تلك المعركة الخطيرة و الفاصلة .

إن إدارة هذه المعركة لم تكن بدايتها من جبل الحلال، و لكنها بدأت منذ إعتلاء مصر لكرسي عضو غير دائم بمجلس الأمن، حتى لا تتم أي اجراءات من خلف ظهرنا لأننا نعلم اننا نواجه مؤامرة دولية كبيرة  بعد أن هدمنا المعبد على رؤوس أصحابه في 30/6 و غيرنا خريطة العالم السياسية و العسكرية  فقمنا بالاستعداد لهذه المعركة من كافة جوانبها .

و تأتي معركة جبل الحلال كأكبر معركة عسكرية خاصة فى الزمن الحديث و بتكتيك أربك كافة خطط الأعداء .

فقد قامت قواتنا بمحاولتين سابقتين لإقتحام الجبل في عام 2016 للسيطرة عليه  فلم تفلح لأسباب عديدة منها كبر حجم الجبل و وجود مئات الكهوف و المغارات و الوديان الصخرية الملتوية الضيقة و سهولة التنقل الداخلي تحت الحماية الطبيعية من تضاريس الجبل الشديدة الوعورة  كما أنه من المستحيل إقتحامه بالدبابات أو العربات المصفحة نتيجة تلك التضاريس الوعرة .

كانت مصر تعلم أن ادارة العمليات تتم من هناك و تعلم المتورطين من الدول المعادية فى إدارة العمليات عسكرياً و مخابراتياً لكن محاولات الاقتحام من الخارج مهما حدث لن تؤتي ثمارها كما كانت الدول المعادية تعلم ذلك أيضا .

و تم محاصرة الجبل منذ 10 أشهر و لكن كان من الطبيعى أن تتم عمليات اختراق للحصار لصعوبة و وعورة الأرض و تنقل الارهابيين و العناصر الداعمة لهم بالدواب فقامت قواتنا المسلحة بعمليات تصوير جوي و الاستعانة بصور الاقمار الصناعية على مدار عام كامل حتى أصبحت تعرف كل حجر و كل درب و كهف في الجبل

و أسفرت عمليات التصوير و الاستطلاع عن اكتشاف كهوف لم يصلها المجرمون و لا يعرفونها فتم إستغلال ذلك بأن تسللت اليها قوات الصاعقة و المظلات المصرية و أقامت مركز عمليات داخل الجبل و بدأت القوات تتجمع للقيام بعملية الهجوم من الداخل للخارج و ليس العكس  رغم أنه كان من المستحيلات و من غير المنطقي أن تتم عملية الاقتحام بهذا التكتيك  إلا أن رجال قواتنا الخاصة لا يعرفون المستحيل

و هنا كانت المفاجأة المباغته للأعداء و عندما حانت ساعة الصفر هاجمت قواتنا مركز العمليات الرئيسى للأعداء و استخدمت السلاح الأبيض فى المعركة و قتلت قوات الحراسة بالكامل ثم اقتحمت مركز القيادة الارهابي فوجدت في انتظارها مفاجأة كبيرة .

فقد اكتشفت قواتنا وجود مركز قيادة متكامل أقامته اسرائيل فى أحد كهوف الجبل العميقة الواسعة بعمق 10 أمتار في باطن الجبل، و اتضح أن هذا المركز مجهز بغرفة عمليات رئيسية بها شاشات عرض و أجهزة كمبيوتر و أحدث أجهزة اتصالات و تليفونات الثريا و موبايلات تعمل بشرائح اتصال اسرائيلية و أردنية و غيرها،و وجدت أيضاً أماكن و غرف مكيفة لمبيت الأفراد كما وجدت اماكن للطعام و مطابخ و مستشفى ميداني متكامل ، و كميات كبيرة من المتفجرات و أجهزة التفجير و كميات ضخمة من الأموال بالدولار و الجنيه المصري و الشيكل الاسرائيلي .

و جاء الصيد الثمين عندما تم إعتقال ضباط إستخبارات من جنسيات مختلفة الذين فوجئوا حينما وجدوا قوات الصاعقه فوق رؤوسهم في غرف نومهم فلم تترك لهم المفاجأة خيارا لأي تحرك .

و عند تمام السيطرة على مركز القيادة الارهابي ، بدأت العملية الحربية الكبرى من الداخل و الخارج و استخدمت فيها المقاتلات والمروحيات و قوات المظلات و المشاه، و انتهت بالسيطرة الكاملة على كافة أرجاء الجبل و تم قطع الرأس فى عملية نوعية سيشهد لها العالم عسكرياً و تكتيكياً عندما يحين وقت كشف جميع تفاصيلها و أسرارها  و ستكون مجال لدراسات عالمية لسنوات طويلة قادمة .

و انتهت اسطورة الاجرام و الارهاب و حققنا إنتصاراً كبيراً جداً  و بإذن الله ستتساقط باقى الخلايا العنقودية تباعاً بعد أن أصبح الانتصار النهائى في متناول اليد .

ويكفي للتدليل على صعوبة هذه العملية ، أن قوات دول عظمى مثل أمريكا فشلت فى ضرب معاقل الارهاب فى جبال تورا بورا فى افغانستان و الشبيهة من حيث طبيعتها بهذا الجبل الوعر،و عجزت عن إقتحام تلك المناطق التي كان يتحصن بها تنظيم القاعدة ، بل وخرجت الجيوش الأمريكية تجر أذيال الخيبة بعد أن تكبدت خسائر فادحة و أصابها تدمير شامل في بنيتها الهيكلية و في معداتها رغم إستمرار قصف تلك المناطق على مدار 10 سنوات بالآف الاطنان من القنابل الذكية  و منها قنابل أعلنوا انها صنعت خصيصا للدخول فى الكهوف و لكن بعد إنفاق مئات المليارات من الدولارات كانت النتائج مخزية .

تحية اجلال و إعزاز لأبطال قواتنا المسلحة و القوات الخاصة بالشرطة و الذين هنأهم السيد الرئيس و أثنى عليهم وتحدث معهم بالشفرة و أرسل رسائل مبطنة للجميع.

عميد حرب الكترونية / محمد مصطفى حسنين .

 

 


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية