على طريقة النكتة التى تحكى عن ( أب ضبط ابنه يدخن وهو جالس على الأريكة .. فقام ببيع الأريكة  ) ستجد بعضا من مثقفينا يتخذ من فساد بعض قيادات وزارة الثقافة  والانهيار الذى أصابها على أيدي كهنة فاروق حسنى، ذريعة لتبرير دعوتهم " إلغاء وزارة الثقافة " ... بل إن أحدهم ادعى كذبا منذ سنوات أنه لا يوجد بدول العالم المتقدم مسمى لوزارة الثقافة ، وأذكر أننى اضطررت حينها إلى أن أنشر بصفحة الفنون بجريدة البديل - وكنت مسؤولا عنها - قائمة بأسماء وزراء الثقافة فى كثير من الدول الغربية لأكشف زيف إدعائه.

 ولعلكم تتذكرون معى أن إحدى ناشطات الثقافة ممن يملكون مؤسسة تنتمى زيفا إلى ما يسمى  "منظمات العمل المدنى"  كانت تقود حملة شعواء لتسويق فكرة تفكيك وزارة الثقافة لصالح توسع وتوغل مؤسستها القائمة على معونات غربية تعرفون كما أعرف أنها ذات أهداف مشبوهة . وكان لى شرف مشاركة نفر غير قليل من الغيورين على هوية الوطن فى كشف الأهداف الحقيقية للدعوة وصاحبتها حتى أنقذنا الله باختفائها ومؤسستها من الساحة.

ولأننى ألاحظ هذه الأيام أن الدعوة إلى إلغاء وزارة الثقافة بدأت تعود مجددا ، وتجد بين أصحاب النيات الحسنة  قبولا سببه الأوحد هو يأسهم من إمكانية إصلاح هذه الوزارة ، سأضطر إلى إعادة  ماسبق وأن قلته مرارا حول أهمية وجود وزارة للثقافة فى بلد تنتمى إلى العالم الثالث ويفتك بأغلبية أهلها فقر وجهل لا يسمحان لنا بترف التفكير ، مجرد التفكير، فى إقتراح الإلغاء ..لأن منطق بيع الأريكة لن يمنع فساد الإبن.

علينا إذن مواجهة الفساد ، وقبله التفكير بجدية فى إجابة السؤال المؤسس " ما الذى نريده من هذه الوزارة.. وكيف ؟.. فإجابة هذا السؤال هى التى ستجعلنا نفكر فى بديهيات يظن بعضنا أنها من المسلمات التى يجب ألا تمس ، منها مثلا " ما جدوى الإبقاء على مجلس أعلى للثقافة ؟ ما دوره ؟ .. وهل يستقيم أن يكون " المجلس الأعلى للثقافة تابعا للمؤسسة التنفيذية المسماة وزارة ثقافة ؟ ... أليس من الأفضل مثلا – وبعد أن نتفق على الاستراتيجية الثقافية – أن يتبع هذا المجلس رئاسة الوزراء مباشرة ، بعد أن يشكل من قامات ثقافية  حقيقية ، ويكون دوره الأصيل هو رسم الخطط  المرحلية لكيفية تنفيذ ما إتفقنا عليه من استرتيجية ، ويقوم بعدها بمهمة المراقبة على التنفيذ ؟ وهو الأمر الذى يحتم خروج وزير الثقافة من هيئته العليا إذ لا يستقيم أن يكون المنوط به التنفيذ هو أيضا المراقب على التنفيذ ؟...

أتصور أن أسئلة من هذا النوع وبهذا القدر من التدقيق هى الأولى بسعينا ، أما الإجابات السهلة على غرار " فلنبع الأريكة .. فلنلغ وزارة الثقافة " هى إجابات – فى ظنى – لا تؤدى إلا إلى مزيد من ارتباك ومن ثم إلى مزيد من إفساد للحياة الثقافية .... والله أعلم.

 


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية