يقولون ان الصورة بألف مقال.. ومن هذه الصور تلك اللوحة التي جمعت الرئيس عبد الفتاح السيسي ووفد الكنيسة المصرية علي راسها البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والتي تداولها الاعلام الاسبوع الماضي ،وما مثلته من رسالة بالغة الدلالة والمعني والهدف للداخل والخارج ،والتي أكدت النموذج المصري - غير المتكرر - حول العالم في التعايش واللحمة بين المسلمين والاقباط بصورة أذهلت الدنيا كلها..

فمكانة الكنيسة المصرية، في العقل الجمعي المصري هي أعرق كنائس الأرض ،ولأن نشأتها مصرية خالصة فقد احتلت مكانة خاصة في قلوب الجميع ، فلم تنشئها قوي خارجية، ولم تتأسس بجهود المبشرين الغربيين، الذين جاءوا في ركاب الحملات العسكرية، ولم ترعها جماعة وافدة ولا منظمة دخيلة، وهذا علي غير الكنيسة الغربية، التي ترعرعت في قصور الأباطرة وحصونهم وقلاعهم، حين احتاجوها لتبرير استيلائهم علي بلاد الغير، وفرضت بقوة السلاح علي رعايا البلاد الخاضعة، تمهد وتؤازر وتدعم كل نفوذ استعماري وعنصري، وكل إبادة وتطهير عرقي، وكان سهلا عليها أن تتهود وتتصهين.

وللكنيسة المصرية مواقف وطنية منها وقفتها ضد عمليات التبشير والتذويب الأوروبي، لدرجة إن البابا كيرلس اشترى مطبعة ليواجه بها منشورات التبشير الذي رآه خطراً على الأرثوذكسية المصرية قبل أن يكون خطراً على الإسلام، كما وقف بطريرك الأقباط مثل مشايخ الإسلام مع الثورة العرابية عام 1882 في صراعها مع الخديوي توفيق.

وقد اتخذت الكنيسة المصرية طابعا وطنيا، تابعنا تجلياته في أكثر من مرحلة تاريخية، أبرزها ما حدث في ثورة 1919. ، ومازالت الايقونة "الشنودية" نسبة أإلي البابا شنودة والتي تحولت إلي موروث وطني " مصر وطن يعيش فينا لا وطن نعيش فيه"،وهناك قولا تاريخيا للمؤرخ المسيحي المعاصر للفتح الإسلامي يوحنا النيقوسي "احترم عمرو (ابن العاص) أملاك الكنيسة ولم يقترف عملا يعاب عليه، فحيا أهل البلاد عهد السلام الديني وإعادة إنشاء الكنيسة الوطنية وأديرة وادي النطرون ودير الأنبا مقار، وجاء الرهبان أفواجا يؤكدون إخلاصهم للقائد العربي"، واستقر في الوجدان الوطني أن الكنيسة المصرية تقف مع وطنها ضد الغزاة والمحتلين. ويسجل المفكر وليم سليمان إعراض المسيحيين المصريين عن النظر إلي حملات الفرنجة، المعروفة باسم الحملات الصليبية، إعراضم عن النظر إلي المشاركين فيها باعتبارهم مسيحيين يدينون بدين واحد. وحين فشل الفرنجة (الصليبيون) في تغيير موقف المسيحيين المصريين منعوهم من زيارة القدس، ورموهم بتهمة الإلحاد وأخرجوهم من ملة السيد المسيح.

هذه العلاقة السرية والوحدة الابدية التي تربط التي تربط مسلمي مصر وأقباطها في وطن يجمعهم كانت هدفا للمتآمرين والمستعمرين والصهيونيين لتفكيك الدولة المصرية ولكن سقطت كل نصالهم دون أن تصيب تلك الوحدة أو تنال منها..

وفي كل مرحلة تستعد فيها مصر للتقدم والنهوض تنطلق السهام صوب الوحدة التي ستبقي درسا للدنيا كلها ومنتهاها يوم القيامة للوري..حاول الاحتلال الانجليزي وفشل ،حاولوها إبان حكم عبدالناصر وتحطمت أهدافهم الخبيثة، وعندما أدرك الغرب أن مصر تبعث من جديد دفعوا في طريق الفتنة عام 1972 والمعروفة بفتنة الخانكة،وتلاها فتنة الزاوية الحمراء وغيرها من المحاولات التي تتلاحق علي الوطن ،وآخرها تلك المحاولات البائسة التي يبذلها دعاة الفتنة وأفاعيها في الداخل والخارج في محافظة إلمنيا لتأتي الصورة الوطنية للرئيس مع وفد الكنيسة المصرية واضحة في معانيها،ثابتة ألوانها ،حاسمة في مدلولها، لتدفعنا أن نرسم من حولها بعض الخطوط ونقرأ فيها بعض الملامح ومنها:-

أولا: أن الصورة تؤكد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي له من الرصيد بحيث تتحول كلماته إلي روح وطنية تتلبس الجسد المصري،وأنه الدرع الذي يحمي الوحدة الوطنية،فوق إدراكه ما يعتمل في نفوس أشقائنا وشركائنا من تصرفات بعض الخارجين ،وتأجيج من خارج يسعي إلي هدم البنيان المصري ،وتراخ من مسئولين لم يدركوا بعد قيمة الوطن الذي يسع الجميع.

ثانيا: عندما بدأت ألسنة اللهب في عام 1972 بداية من الخانكة كانت كل الدلائل تشير أن مصر تسعي ناهضة فارادوا أن يعيقوا مسيرتها ،ويوقفوا تقدمها،ولكن مصر الوطنية داست علي رؤوسهم وحققوا أعظم إنتصار عسكري لمصر في التاريخ الحديث.. وهاهي مصر مرة أخري تقوم من عثرتها بعد أن تخلصت من تلك السموم والادران التي علقت بجسدها ليعمد كل متآمر أو خائن إلي تعطيل تلك المسيرة الوطنية.

ثالثا: في أحداث عام 1972 وما تلاها كانت كلمة السر فيها أولئك المتعصبون من الجماعات الاسلامية والاخوان الذين كادوا أن ينجحوا في إثارة الفتنة لتنتقل بعدها إلي حرب أهلية تقضي علي الوطن،لذلك ياسيادة الرئيس فان الغلاة من المتشددين الذين خرجوا من السجون والذين مازالوا خلف الاسوار هم وقود تلك الفتنة ،فلتكن محاكماتهم ياسيادة الرئيس ناجزة وعقوباتهم رادعة ليبقي الوطن بعيدا عن سمومهم.

رابعا: ما يزيد الغضب إحتقانا بعض أقباط المهجر الذين يجاهرون هناك بأفكارهم الشاذة والغريبة من قبيل "أن مصر محتلة من المسلمين" لدرجة أن بعضهم أعلن تعاونه مع إسرائيل من أجل ما أسموه "تحرير مصر" ويتظاهرون أمام البيت الابيض للمطالبة بتدخل الولايات المتحدة الامريكية لانقاذ الاقباط.. مثل هذه التراهات رغم خستها إلا أنها تثير الاحتقان لدي الشباب من المسلمين.

خامسا: أن ملف الفتنة الطائفية رغم أهميته إلا أنه مرة يكون موكول للامن ،وهو الذي يزيد أعباء الامن ،ومرة بيد مسئولين مرتعشة فرائسهم وعقولهم فيميلون إلي التراخي والتخاذل وهو ما يعقد مثل هذه الملفات.. والصورة أكدت أن الملف بيد الرئيس الذي يثق فيه الجميع.

سادسا:نعم ياسيادة الرئيس فان الجلسات العرفية قد تكون ناجحة في محاصرة بعض تلك النزاعات لكنها لن تكون كافية لوأدها والقضاء عليها، وكنا قد طالبنا في مركز "عدالة ومساندة" بان إنفاذ القانون هو السبيل نحو القضاء بالكلية علي مثل هذه الفتن.التي تطل برأسها لوقف تقدمنا،وأن سيادة القانون تعني هيبة الدولة.

أخيرا.. ياسيادة الرئيس.. الشعب كله يضع مستقبله بين يديك وشركاؤنا لديهم إحباطات بسبب عدم فتح الملفات المسكوت عنها والتي تتطلب إرادة دولة تجعل المواطنة أساسا ومنهجا، لا شعارات وأيادي متشابكة وعاش الهلال مع الصليب..!!!


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية