وسط أزمات تتساقط فوق رؤوسنا من جنون الدولار ومحاولة لجمه بعد أن هاج كالجمل في الساحة ،وسباق الاسعار التي باتت تؤرق المجتمع كله، ومواجهة فتنة حاولت أن تطل برأسها الخبيثة في إلمنيا، والتحديات التي نعركها في طريق التنمية الاستراتيجية التي دشن قواعدها الرئيس عبد الفتاح السيسي،وبين ظهرانينا إرهاب نتلمس الوصول إلي المحطة الاخيرة في طريق القضاء عليه ليصبح في ذمة التاريخ لتقول أجيالنا القادمة "كان هنا أجدادنا آمنوا بمصر التي سكنت في قلوبهم وصارت منهم مسري الدم ،مر عليهم الاوغاد الذين لا يؤمنون بالاوطان فاطلقوا الارهاب علي أجدادنا فتصدوا لارهابهم الخسيس وطرحوه وأهاضوه فمنهم من قتل ومنهم من فر مذعورا حيث أتي"..وسط هذه السحب والغيوم ومحاولات الرئيس أن ينير المصابيح والمشاعل لنتلمس طريق الانعتاق من هذه المشاكل لنسير في ثبات وثقة نحو مستقبل نفاخر به الدنيا.. إذا بأزمة من صنع أيدينا تقفز لصدارة المشهد الذي يدفع للانقسام وليس الحوار،والعناد وليس المنطق ،بين وزارة الاوقاف من جانب والازهر الشريف من جانب آخر حول "الخطبة المكتوبة.. " ويحضرني وأنا أتابع تلك الازمة ستة من المشاهد التي ربما تزيح الستار عن كل ضبابي فيها،فربما يكون لديكم رؤية لأزاحة أزمة تتمدد في المجتمع..

المشهد الاول

أري رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي, في يناير 2015 يدعو علماء الدين الإسلامي ومشايخ الأزهر والأوقاف إلى سرعة الانتهاء من خطة تجديد الخطاب الديني السديد والذي يتخذ من القرآن والسنة منهاجا ،ويحفظ ثوابت الدين ،ويقضى على الاستقطاب والتطرف، موجها خطابة لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بالقول "أنتم مسئولون أمام الله عن تجديد الخطاب الديني وتصحيح صورة الإسلام ،وهذه مسئوليتكم التي أحاججكم بها".. ليعلن ثورة تجديد الخطاب الديني فيتصبب فضيلة شيخ الازهر عرقا لادراكه عظم المسئولية،ويتبعه وزير الاوقاف باعتباره واحدا من علماء مصر الثقات،ثم تحمر وجوه كل مشايخنا وعلمائنا من مفاجأة الرئيس،ووقفوا عن بكرة أبيهم في كل الربوع والزوايا باحثين عن وسيلة وطريق يردون بها علي محاججة الرئيس لهم أمام الله..

المشهد الثاني

راحت كل العقول الاسلامية تنتج ما لديها من فكر وسطي مستنير ،وانعقدت المؤتمرات والندوات وجلسات المناقشة والابحاث ،وكأن كل عالم يقول "ياسيادة الرئيس ها أنا ذا أفعل وأبذل ولا أتواني فلتكن محاججتك لي نورا يوم القيامة يهديني"وسارت كل مؤسسات الدولة رسمية وأهلية لتقدم قدر مسئوليتها في ثورة تجديد الخطاب الديني،ويقف الازهر الشريف في صدارة المحاججة الرئاسية فيعلن فضيلة الامام الاكبر شيخ الازهر أن الازهر بقادر علي تلك الثورة التي ينتظرها المسلمون في مصر وفي كل بقاع العالم وأصقاعه، ويقف الدكتور محمد مختار جمعه ليعلن أن مسيرة التجديد قد إنطلقت ولن تتوقف

المشهد الثالث

فجأة يعلن وزير الاوقاف عن واحدة من خطته في تجديد الخطاب الديني بالخطبة المكتوبة ليوم الجمعة والتي لابد وأن يلتزم بها كل أئمة المساجد في كل أنحاء مصر دون خروج عليها وعلي ألفاظها دون زيادة أو حذف أو تعديل ،والتي ترد إليهم مكتوبة من وزارة الاوقاف، وأن الامام الذي يخالف ذلك فانه يقع تحت طائلة القانون ،وقال في معرض تدشين فكرته أنها ستقضي علي حالة الانفلات الدعوي من بعض الائمة وإستغلال المنابرفي الوقت الذي تتطلب فيه الامور التضافر والتوافق ليتحقق الضمير الجمعي للدولة المصرية. المشهد الرابع

إجتماع طارئ لهيئة كبار العلماء بالازهر الشريف ليعلنوا فيه رفضهم للخطبة المكتوبة ،وأن هذا المنهج يعيدنا غلي الوراء،لانها تقتل الابداع والدعوة المباشرة بين الامام والناس والتي هي أساس الدعوة في الاسلام ،وأنه لابد من إلغاء الخطبة المكتوبة علي الفور لانها ليست في صالح تجديد الخطاب الديني..

المشهد الخامس

هنا تحولت الخطبة المكتوبة إلي أزمة بين فريقين هما أعمدة تجديد الخطاب الديني التي وجه الرئيس إليهما خطابه،وانفسم الائمة والعلماء ،في الازهر من جانب ،والاوقاف من جانب آخر،ولأن القضية تتصل بالمجتمع كله فقد انقسم المجتمع بين فريقين وفكرتين وتمسك كل فريق برأيه،فمن الائمة من دشنوا صفحات تواصل إجتماعي يرفضون ويعلنون العصيان ،ومنهم من أستقل حافلة تأييد الفكرة والدعوة إليها، منهم من قال :أن الخطبة سيتم تسريبها لنقرأ في الصحف عناوين مثل "إقرأ خطبة الجمعة قبل يوم الجمعة !!!" ومنهم من يقول إن الامام سيفقد أمام الخطبة الكتوبة هيبته، فاذا كانت مكتوبة فيمكن لاي شخص أن يصعد المنبر بقدسيته ويقرأها.. ومنهم من يقول إن مصر بحاجة إلي السيطرة علي المنابر التي إستغلها الاخوان ومازال السلفيون يستغلونها لتأجيج الرأي العام ولا بديل ولا محيص من الخطبة المكتوبة باعتبارها واحدة من وسائل السيطرة علي هذا الانفلات..

المشهد السادس

أراني وقد زاغت عيناي واستعصي علي عقلي فهم واستيعاب تلك الازمة، وبادرت بسؤال نفسي:لمصلحة من هذا الاختلاف؟ هل هو من قبيل أن الاختلاف رحمة..؟ هل القائمين علي تجديد الخطاب الديني تنكبوا لتجديده؟ وهل أصبح من الضروري أن يتولي الازهر الدعوة والاشراف عليها وهو ما يعني فصل الدعوة عن الاوقاف كما أوصي مركز "عدالة ومساندة" في توصيات سابقة؟ وهل مصر التي تعج بالمشاكل بقادرة أن تتحمل مواجع جديدة؟؟ وهل لابد وأن يتدخل الرئيس لفض الاشتباك بين دعاة تجديد الخطاب الديني؟؟ أسئلة تنتظر الاجابة!!!


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية