أنباء امتلاك مصر لأحدث الأسلحة والمعدات العسكرية تريح الكثير منا وتشعرنا أن الجيش المصري يقّدر حجم التحديات والمخاطر الخارجية التي تهدد البلاد إلا أن الاهتمام بالتسليح يجب ألا يشغلنا عن البنية التحتية المتهالكة والفساد الاداري الذي  - تجاوز "الرٌكّب " -  ووصل الأعناق وغياب سيادة القانون.

نحتاج إلى من يعيد للقانون هيبته ويضمن للمواطن الحياة الكريمة بعيدا عن الشعارات والشو الإعلامي فنحن لدينا أزمة في تطبيق القانون ناهيك عن أوضاع التعليم والصحة.

ينبهر الكثير منا بالتزام الشعوب الغربية بالقانون واحترامهم للنظام وتقديرهم للقواعد ولا يعرف اغلبنا ان هذه الدول عاشت قرونا من الظلام – الف عام تقريبا - حتى تنتقل لهذه المرحلة .. ولا يجب علينا ان نعيش مرحلة عصور الظلام حتى نتطور بل المفترض ان نتعمل من تجارب الغير.

قلت غير ذي مرة أن التعليم والصحة هما الجناحان اللذان ينبغي لأي حكومة أن تتجه لإصلاحهما اذا ما أرادت ان تبني شعبها بشكل جيد .. وبعيدا عن تصريحات الرسميين حول مستوى التعليم لدينا ومدى تطور الخدمات الصحية يؤكد الواقع ان لدينا مشاكل في هذين الجانبين ضمن مشاكل في كل القطاعات.

هل تتخيل أسرة تخاطر بصحة ابنها لتزرع له سماعة بلوتوث لتساعده على الغش في امتحان الثانوية العامة .. أي تعليم هذا وأي بيئة اجتماعية أفرزت علينا مثل هذه السلوكيات.

يقول البعض من مساندي الغش في الامتحانات "يعني هم ح يشتغلوا لما يتعلموا " او " يعني هو ح يعمل ايه لما يتعلم " والعبارة الشهيرة لمراقب الامتحانات " غش بس بدون صوت " شعار يعرفه معظم المدرسين في مصر.

لدينا خلل وخلل كبير في المعايير والأفكار ينعكس في السلوكيات خذ مثلا أزمة الأرز وارتفاع اسعاره لما يقرب من 10 جنيهات .. هل تعلم ان الحكومة تمنع الفلاح المصري من التوسع في زراعة الأرز لعدم استهلاك كمية كبيرة من المياه وتعاقب الفلاح الذي يزرع أرز بمساحات كبيرة ؟ تذكر أنك في بلد النيل.

هل تعلم ان الفلاح يبحث عمن يشتري منه المحصول في بداية الموسم وتتراجع الاسعار لأقل من التكلفة الفعلية ولا يجد الفلاح من يسدد ديونه فيما يسعى حيتان السوق لجمع اكبر كمية من الأرز في مخازنهم ثم يسعون لدى صانع القرار – بطرق مختلفة - بأن يسمح بتصدير الأرز فيرتفع سعر الطن 4 اضعاف ويدخل الفارق في جيب التاجر لا الدولة.

هل هذه شطارة تجار ام فساد منظومة وانعدام ضمير .. القانون والتعليم والصحة ثلاث زوايا لمثلث التنمية .. الامر صعب ويدخلنا في جدلية البيضة والدجاجة التي سيطرت على اوروبا في القرون الوسطى حين كان السؤال أيهما قبل الآخر.

كيف نصلح التعليم ولدينا معلمون كل ما يهمهم حشو جيوبهم وكروشهم بأموال الغلابة ضحايا الدروس الخصوصية ومن سيصلح التعليم ان كانت المنظومة كلها – او معظمها – فاسدة .. اذا لا حل الا بتطبيق القانون لكن كيف نطبق القانون والمسؤول عن تطبيقه هو من يخترقه ويتحايل عليه من منطلق اهل مكة أدرى بشعابها .. اذا لا مفر من دخول مرحلة عصور الظلام إلى حين .. واللحديث بقية. 


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية