"لا أصدق أن هذا الرجل ما زال على قيد الحياة " ... جملة عابرة  جاءت على لسان الطبيب الألماني الذي فحص تحاليل مريض السرطان العجوز قبيل نهاية فيلم " حار جاف صيفا " لتصبح  هى المفتاح لولوج باب فهم الفيلم .

فالفيلم عن إرادة الحياة رغم صعوبتها ، وعن تلك التفاصيل  التى تمنح البشر قدرة على مواصلة العيش وسط ركام من تفاصيل أخرى تدفعهم نحو الموت.

وكأن بيت محمود درويش القائل " و إنا نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا " يصلح هو الأخر ليكون عنوانا مضافا لفيلم كتبه أسامة الشيخ وأخرجه شريف البندارى مدفوعين بحب الحياة وتفاصيلها .

بكاميرا محبة للوجوه ، يقترب شريف البندارى من بطلى فيلمه ،" ناهد السباعى  "  فتاة فقيرة وحيدة إلا من صديقة  تستعد للزواج فى يوم حار تتواصل مع عريسها عبر هاتف سريعا ما سيفقد القدرة على القيام بمهمته ، وعجوز "محمد فريد " يحمل تقارير و تحاليل مرضه اللعين لزيارة طبيب ألمانى خبير يزور مصر لأيام لعله يهديه دواءا شافيا .

كل منهما لا يعرف الآخر لكن جمعتهما مصادفة الركوب فى عربة أجرة واحدة تضيع فيها حقيبة أوراق الرجل فيدور فى شوارع المدينة المزدحمة بحثا عن الفتاة التى حملت حقيبته خطأ ضمن أشيائها الخاصة .

وعبر مونتاج متوازى منضبط  تتبادل مشاهد الفيلم مهمة التعريف بكل شخصية حتى نصل إلى لحظة اللقاء الثانى المقصود هذه المرة لتتقارب أكثر الشخصيتان ولنتعرف أكثر على تفاصيلهما ولنكتشف أنه رغم فارق السن الكبير إلا أن الوحدة والفقر يجمعان بينهما .

عند المصور الفوتوغرافى يقوم الرجل بدور العريس الذى تأخر بسبب الزحام ، ويوافق الرجل مدفوعا برغبته فى أن يسعد فتاة فى سن إبنه المشغول عنه دوما وأيضا فى إسعاد نفسه بإحساس يراوده لأول مرة منذ سنوات طويلة بأنه مازال قادرا على تقديم العون لآخرين .

ومع نهاية اليوم يفترق العابران ، ليلحق الرجل بآخر فرصة فى لقاء الطبيب الذى يقول جملته الخنجر " لا أصدق أن هذا الرجل مازال على قيد الحياة " .

لكننا سنتفهم كثيرا أسباب استمراره على قيد الحياة لسنوات طويلة بعد هذا اللقاء العابر والتى كشف عن مرورها مشهد الفتاة فى بيت زوجها تتحدث إلى صديقتها عبر الهاتف وبجوارها طفلها الذى تجاوز العامين من عمره بينما بطنها ترتفع أمامها معلنة عن إقتراب وصول طفل جديد .

وهنا لن تنسى الكاميرا أن تتأمل صورة زفافها بعد أن نجح المصور المحترف فى استبدال العجوز بالعريس الشاب .

وبمونتاج هادىء هو سمة الفيلم ، ينقلنا المخرج إلى بيت العجوز لنراه يجلس وحيدا فى شرفة منزله يستمع إلى أغنية مفعمة بالحياة ، بينما الكاميرا تتأمل نسخة أصلية لصورة الزفاف المعلقة على الحائط  حيث يقف هو بجوارالفتاة ممثلا لدور العريس ليجيب المشهد كله عن تساؤل الطبيب " كيف استمر هذا الرجل على قيد الحياة ".


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية