من قال إن الصحفيين على رأسهم ريشة؟.. ومن قال إن النقابة مأوى للهاربين من القانون؟.. تصدير هذه الأفكار لا يفيد الذين أطلقوها.. ولا يفيد الوزارة ولا النظام بالمرة.. تشويه الصحفيين يضرّ الرئيس شخصياً.. وقد كان من الممكن تجاوز الأزمة باعتذار بسيط.. وكان من الممكن تجاوز السقطة برؤية سياسية، وليس بإطلاق كتائب الشرطة لسبّ كل من يدافع عن مهنته ونقابته، حتى ولو كان معتدلاً أو مكتئباً!.

حين اعتذرت، أمس، فوجئت بسيل من الاتصالات، كما فوجئت بسيل من البذاءات أيضاً.. فقد صدرت الأوامر لشتيمة الجميع بلا تمييز.. فمن يقول: «اعتذار عن إيه، هوّ أنتو فوق القانون»؟.. ومن يقول: «تعتذر عن ايه دانت تلاقيك قابض تمن الكلمتين دول، انت نسيت انك من المطبلاتية مش كده ولا ايه؟».. ومن يقول: «عبقال الباقى مش يعتذر بس.. لأ يريحونا خالص؟».. هل يُعقل هذا الكلام وهذا التشويه؟!.

 

أما البوست الذى تكرر فى مواضع كثيرة فهو «على الله على طول انتا وزامليك وباقى الصحفيين وكل إعلامى صحفى ياراجل كرهتونا فى حياتنا، ريحونا الله يخليكو ومتظهروش تانى.. أرجوك أرجوك ريحو الشعب، والله الشعب مش طايقكو».. وهو كلام ركيك كتبه مجند يفك الخط، أو ضابط من كتائب الشرطة.. غير معقول أن يكون من كتائب الإخوان.. شىء غريب أن تتحول حياتنا السياسية إلى كتائب وميليشيات!.

 

كل ما فعلته أمس أننى لم أجد ما أدافع به عن نظام انتخبته، فاعتذرت.. كنت أريد أن أقول: اعتذروا.. ماذا لو خرج الوزير واعتذر عن تصرف قوة الضبط فى تنفيذ قرار النيابة؟.. ساعتها تنتهى المشكلة.. أما الآن أصبحت الحكاية أن السيسى راضى، وأن الصحفيين مش على رؤوسهم ريشة.. ودخلنا فى سكة خسارة للجميع.. نعم سوف يخسر النظام كثيراً إذا خسر الصحافة، مع أن الحكاية كانت مثل شكة الدبوس!.

 

وقد تتساءل: وما علاقة الرئيس بتصرف الوزير؟.. فى الأول لا توجد علاقة.. بعد تصاعد الأزمة أصبح الرئيس فى المواجهة.. ومن هنا ارتفع السقف إلى الرئيس نفسه.. حدث هذا فى 25 يناير.. حين لم يعتذر الوزير ولم يستقل، طلبنا رأس رئيس الوزراء، ثم رأس مبارك نفسه.. هذا هو فرق التوقيت.. هل هذا الكلام يعنى أننا وصلنا إلى طريق مسدود؟.. لأ.. ولو ترشح الرئيس السيسى غداً سوف أنتخبه أيضاً!.

 

على فكرة، حين أيّدت السيسى لم أكن أطبّل له، وحين أنتقده لا يعنى أننى أطالبه بالرحيل.. الكتائب لا تفرق بين النقد وقلة الأدب.. الكتائب لا تعرف معنى الحريات.. قائد الكتائب غشيم صنعة.. أعطى الأوامر بالشتيمة وخلاص.. كلهم يقبضون.. كلهم مطبلاتية.. كلهم حرامية.. فماذا يقول إذا اعتذر الوزير للنقابة؟.. ماذا يكتبون إذن؟.. هل يعتذرون لنا؟.. هل يسبوننا أكثر؟.. هل يدركون خطورة اقتحام بيت الحريات؟!.

 

بعد ثورة 25 يناير، طلبنا أن يكون وزير الداخلية سياسياً.. كان الهدف أن يفهم فى الحريات وحقوق الإنسان.. كان المعنى أن يكون صاحب رؤية سياسية.. أتصور الآن أن الأمور كشفت عن حاجتنا لوزير مدنى.. ربما لم يكن ليُقدم على جريمة الاقتحام، حتى وإن كان ينفذ قرار ضبط وإحضار.. كنا فى غِنى عن فتنة كبرى!.


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية