لا أدري مدى جدية الدعوة التي أطلقها الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، للتقارب مع الشيعة، أثناء لقائه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي كان يزور مصر قبل أيام، وعلى أي أساس سوف يتم هذا التقارب، وماهي التنازلات التي يتخيل شيخ الأزهر أن يقدمها الطرفان "السنة و الشيعة" حتى يتم هذا التوافق ويتحقق التقارب الذي أثبت فشله على مدار سنواتٍ طوال.

أعتقد أن الزيارة التي قام بها حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي إلى مصر، لم يكن هدفها هو التقريب بين السنة والشيعة، ولكنها تأتي في إطار جولات عربية للتقارب العراقي العربي، خاصة بعدما تسبب سابقه نوري المالكي في عزلة العراق عربيًّا، في ظل الهيمنة الإيرانية على القرار العراقي.. وبالطبع مساندة مصر للعراق واجب ، وانتشاله من العزلة العربية ضرورة ملحة في ظل الظروف التي يعيشها، والصراع الإقليمي والدولي الذي يصر على تقطيع أواصره.

التقريب بين "السنة - والشيعة" مسألة أثيرت قبل ذلك مرات، وسعى إليها كثيرون في محاولة لمواجهة الطائفية والفرقة المذهبية، وسد الباب أمام استغلال الغرب للصراع بين السنة والشيعة، إلا أن كل هذه المحاولات قد فشلت، في ظل إصرار الشيعة على سب الصحابة والإساءة إلى أم المؤمنين السيدة عائشة، وهو الأمر الذي لن يقبلة السنة بأي حال من الأحوال، ويقتل أي محاولة للتقريب في مهدها، فكيف سيتم هذا التقريب الذي يتحدث عنه شيخ الأزهر؟!.

مؤسسة الأزهر الشريف نفسها أصدرت بيانًا في وقت سابق أكدت خلاله أنه " لا يمكن أن يكون هناك تقارب أو تفاهم في التقريب بين المذاهب مع المراجع الشيعية في إيران والعراق، قبل إصدارهم فتاوى تجرّم سب الصحابة وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها" زوجة خاتم الأنبياء محمد"، كما طالب الإمام الأكبر ، خلال استقباله السفير محمد محموديان، رئيس بعثة رعاية المصالح الإيرانية الجديد بالقاهرة، المرجعيات الشيعية فى العراق وإيران، بإصدار فتاوى صريحة تُحَرِّمُ بشكلٍ قاطعٍ سبَّ الصحابة وأمَّهات المؤمنين ورموز أهل السنة، وبالتوقف عن محاولات نشر المذهب الشيعى فى البلاد السنية، فهل استجابت المراجع الشيعية للأزهر حتى يتغير موقفه؟!

الشيعة ليسوا طائفة واحدة حتى يتم التقارب معهم وتحقيق الهدف المنشود من ذلك وهو توحيد الأمة، ولكنهم ينقسمون إلى فرق كثيرة، ذهب البعض إلى أنها تصل إلى 70 فرقة، بينما ذهب آخرون إلى أنها 3 فرق رئيسية ماعدا ذلك فهي فروع عن هذه الفرق، ويرى فريق ثالث أنهم 4 فرق والباقي فروع، وذهب فريق آخر إلى أنهم 5 فرق والباقي فروع، أيًا كان عدد هذه الفرق أو الطوائف، فمع أي طائفة من هؤلاء سيتقارب شيخ الأزهر، وهل التقارب مع إحداهن سيغني عن التقارب مع الآخرين؟!.

إذا غض شيخ الأزهر النظر عن هذه الاختلافات العقائدية، فهل يغض النظر عن الأطماع السياسية للشيعة في المنطقة على حساب السنة، وحلم الدولة الفارسية الذي تسعى إيران إلى تحقيقه بكل ماأوتت من قوة عن طريق أذرعها الشيعية في المنطقة التي أصبحت تطال الكثير وتحاصر الكثير وتفرض سيطرتها على مساحات شاسعة، إضافة إلى اختراقها للجيوش الأقوى في الدول العربية، وموجات المد الشيعي التي تضرب البلاد السنية، والكم الهائل من الفضائيات الذي ترعاه إيران بهدف التبشير الشيعي؟!

إن حلم الدولة الفارسية وصل إلى حد التبجح، ولم يعد يمارس التقية التي اعتاد عليها بعدما قويت شوكته وشعر بسطوته وكثرة مخالبه، وقد ظهر ذلك جليًّا في التصريحات التي أطلقها مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني، علي رضا زاكاني، المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي، والتي أكد خلالها أن "ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وتابعة للثورة الإيرانية الإسلامية"، مشيرًا إلى أن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التي في طريقها للالتحاق بالثورة الإيرانية.

لم تقف تصريحات المسئول الإيراني عند هذا الحد ولكنه اعترف بأن " منطقة الشرق الأوسط تتجه الآن إلى تشكيل قطبين أساسيين، الأول بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من العرب، والثاني بقيادة إيران والدول التي انخرطت في مشروع الثورة الإيرانية"، كما اعترف بتدخل فيلق "قدس" الإيراني في العراق قائلا: "لو لم يتدخل الجنرال قاسم سليماني في الساعات الأخيرة بالعراق، لسقطت بغداد بيد تنظيم (داعش)، كما أن هذا التدخل تم في سوريا"، وأضاف "لو تأخرنا في اتخاذ القرارات الحاسمة تجاه الأزمة السورية، ولم نتدخل عسكريا لسقط النظام السوري منذ بداية انطلاق الثورة".


كل هذه التساؤلات ليست تثبيطًا لمحاولات توحيد الأمة، وليست إشعالًا لنيران الفرقة والمذهبية، ولكنها مخاوف من ألغام في الطريق الذي نسير فيه، خاصة بعدما سلكه كثيرون مراتٍ ومراتٍ، وعادوا منه بعدما تأكدوا ان كل ابتسامة في الوجه يقابلها خنجر في الظهر، وكل يدٍ تمتد تطعن لاتصافح، حتى وجدنا أنفسنا محاصرين بحزام شيعي ناسف في العراق ولبنان وسوريا واليمن وإقصاء للسنة في كل هذه البلدان... كل هذا يجعلني أقول.. طريقك مسدود أيها الإمام الطيّب.


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية