سألت نفسى وأنا أتابع تكريم علماء كبار، على يد الرئيس، فى عيد العلم: هل يمكن لرئيس قادم أن يجد أحداً مثلهم يكرمه، إذا دام تعليمنا على حاله؟!

 

 

إننى أقصد التعليم الحكومى الذى يذهب إليه أغلب أبناء هذا الشعب، لا التعليم الخاص مع سوئه، ولا الجامعات الأجنبية مع سوئها.. أقصد مدارس وجامعات الحكومة، التى تستقبل عشرات الملايين فى كل عام، وأتساءل عما إذا كان فى إمكانها، بحالتها الراهنة، أن تُخرِّج لنا واحداً يماثل هؤلاء العظماء الذين جرى تكريمهم أمس الأول؟!

 

 

وكل ما أتمناه أن يكون سؤال كهذا قد راود الرئيس، وأن يكون هو من جانبه قد استشعر خطورة أن يبقى تعليمنا الحالى كما هو، أو حتى أن يكون اهتمامنا به دون المستوى المطلوب، ثم أتمنى من قلبى أن يكون الرئيس قد استشعر أيضاً مدى حجم مسؤوليته هو فى هذا الإطار، وأن يكون قد أدرك، منذ أول يوم له فى الرئاسة، لا من لحظة التكريم فقط، أنه لا شىء سوف يدخل به إلى تاريخنا من أرحب أبوابه إلا قدرته على أن ينقل تعليمنا من حالته التى نراها إلى حالة أخرى يجب أن يكون مستقراً عندها، مثل سائر الأمم المتطورة فى عصرنا.

 

 

ولقد توقفت أمام أسماء ثلاثة، ممّنْ جرى تكريمهم، أما الأول فهو الدكتور إبراهيم بدران، الذى يمثل قيمة فى حد ذاته، والذى أشعر إزاءه بأن علينا أن نكرمه فى كل صباح، لا مرة، ولا مرتين، ولا ثلاثاً وعشراً فى العمر!

 

 

ثم يبقى من بعده الدكتور شريف عمر، والدكتور حسام كامل، فكلاهما ظهر، واشتهر، وصعد، فى أيام ما قبل 25 يناير، وقد خشيت أن يهمس أحد فى أذن المسؤولين عن التكريم، بأنهما ينتميان إلى عصر ما قبل 25 يناير، وأن تكريمهما يمكن، لذلك، أن يثير ما يثير لدى الناس!.. خشيتُ هذا، وحمدت الله أنه لم يحدث، أو أن القائمين على الأمر لم يستجيبوا له، إذا كان قد حدث!

 

 

إن أى مستشار سوء كان قادراً على أن يعطل تكريمهما، لو أنه همس فى أذن الرئيس بالآتى: حسام كامل هو شقيق طارق كامل، وزير الاتصالات فى حكومة أحمد نظيف، وشريف عمر كان محسوباً، بشكل أو بآخر، على نظام حكم الرئيس الأسبق مبارك.. وفقط!

 

 

وحين لمحتُ صورة كل منهما، فوق منصة التكريم، أدركت شيئاً مهماً، هو أن كل واحد منهما قد صنع مكانته فى مجاله، أيام الرئيس الأسبق، بعلمه، وبجهده، وبإمكاناته هو، وإلا ما كان أحد قد تذكرهما الآن، وقرر أن يكونا فى طليعة الذين تكرمهم الدولة.

 

 

ثم أدركت شيئاً أهم، وهو أن ما فات ليس كله سيئاً بالضرورة، وأن فيه أشياء جيدة، وأشخاصاً جيدين وممتازين، وأن علينا ألا نأخذ عصراً بكامله بالشبهات، وأن نبنى على كل ما هو جيد فيه، لتتحقق فكرة نتكلم عنها طويلاً ولا نعمل بها، هى فكرة التراكم، أى أن نبدأ من عند ما انتهى إليه الذين سبقونا، لا من الصفر!


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية