أعلم ويعلم الجميع مدى حب الشعوب الإسلامية لدينها ورغبتها الصادقة في تحكيم منهج الله وشريعته، والبعد عن المناهج والقوانين والأنظمة الوضعية التي جلبت علينا التخلف والتأخر والذل والعار والفرقة والضعف والتبعية لدول الشرق والغرب، بعد أن كنا سادة العالم نقود ولا نقاد، وتعمل لنا شعوب الأرض ألف حساب.
وقضية الحكم بما أنزل الله وترك هذا الحكم، وموقف الإسلام ممن يرفض حكم الله وشريعته.. من القضايا التي بحثها العلماء الثقاة، الذين أجابوا عن السؤال الذي ربما يتبادر الى ذهن الكثير من المسلمين، ومنهم فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد، والسؤال هو: هل الحكم بغير الشريعة كفر أكبر أم كفر أصغر؟.
وقد انتهي العلماء في الرد على هذا السؤال الى أن الحكم بغير ما أنزل الله مناف للإيمان والتوحيد الذي هو حقّ الله على العبيد ، وقد يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفرا أكبر، وقد يكون كفرا أصغر بحسب الحال، فيكون كفرا أكبر مخرجا من ملة الإسلام في حالات منها:
1 ـ من شرّع غير ما أنزل الله تعالى: فالتشريع حق خالص لله وحده لا شريك له، من نازعه في شيء منه، فهو مشرك، لقوله تعالى: "أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله".
2 ـ أن يجحد أو ينكر الحكم بما أنزل الله تعالى وما شرعه رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما جاء في رواية لابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله ـ تعالى: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، حيث قال: "من جحد ما أنزل الله فقد كفر".
3 ـ أن يفضل حكم الطاغوت على حكم الله، تعالى، سواء كان هذا التفضيل مطلقاً، أو مقيداً في بعض المسائل قال تعالى: "أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون".
4 ـ من ساوى بين حكم الله، تعالى، وبين حكم الطاغوت، قال تعالى: "فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون".
5 ـ أن يجوّز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله، أو يعتقد أن الحكم بما أنزل الله، تعالى، غير واجب، وأنه مخيّر فيه، فهذا كفر مناقض للإيمان. 
6 ـ الإباء والامتناع عن الحكم بما أنزل الله، وإن لم يجحد أو يكذِّب حكم الله تعالى . ومما يمكن إلحاقه بالإباء والامتناع: الإعراض، والصدود عن الشريعة.
7 ـ تشريع القانون الوضعي وتحكيمه: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع ومكابرة لأحكامه.
وهكذا فان من الشرك الأكبر أن يشرّع الحاكم غير ما أنزل الله، أو يجحد أو ينكر أحقيّة حكم الله ورسوله، أو يفضل القوانين الوضعية على حكم الله تعالى، أو يساوى بينها وبين حكم الله تعالى.
ومن مظاهر الحكم بغير ما أنزل الله والذي يخرج عن الملة: تنحية الشريعة عن الحكم وإلغاء العمل بها، كما فعل مصطفى كمال في تركيا، وإلغاء المحاكم الشرعية، وفرض القانون الوضعي للحكم بين الناس كالقانون الإيطالي أو الفرنسي، أو المزج بينها وبين الشريعة.
ومن مظاهر ذلك أيضا طرح الشريعة للاستفتاء عليها في البرلمان وهذا يدلّ على أنّ تطبيقها متوقّف على رأي غالبية الأعضاء، وجعل الشريعة مصدرا ثانويا أو مصدرا رئيسا مع مصادر أخرى وضعية، بل وحتى النص بأن الشريعة هي المصدر الأساسي للتشريع هو كفر أكبر لأن ذلك يفيد تجويز الأخذ من مصادر أخرى، وكذلك النصّ في التعليقات العامة أوالخاصة على الطعن في الشريعة كوصفها بأنها جامدة أو ناقصة أو متخلّفة أو أنّ العمل بها لا يتناسب مع هذا الزمان أو إظهار الإعجاب بالقوانين الوضعية المخالفة للشريعة.
وأما متى يكون الحكم بما أنزل الله كفرا أصغر لا يُخرج عن الملّة؟ فان الحاكم أو القاضي يكون حكمه بغير ما أنزل الله كفرا أصغر غير مخرج عن الملّة إذا حكم في واقعة ما بغير ما أنزل الله معصية أو هوى أو شهوة أو محاباة لشخص أو لأجل رشوة ونحو ذلك مع اعتقاده بوجوب الحكم بما أنزل الله وأنّ ما فعله إثم وحرام ومعصية. 
أحمد أبو زيد  a_abozied@hotmail.com


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية