تحدثنا في الأسبوع الماضي عن مصير البطل الشرقاوي أيمن حسن، الذي قتل 21 إسرائيليًا في سيناء منذ أكثر من عشرين عاما، بسبب إهانة أحد الجنود الإسرائيليين لعلم مصر، وذلك عندما قام بمسح حذائه بالعلم، ثم فرشه على الأرض ومارس عليه الفاحشة مع عشيقته اليهودية أمام سمع وبصر هذا الجندي المصري الأبي الشجاع. أتدرون ماذا حدث لهذا البطل المصري؟، لقد قضى من عمره عشر سنوات خلف أسوار السجن، لا لشيء إلا لأنه قرر الانتقام ممن أهان العلم المصري، فضرب ضربته الموجعة التي تمكن خلالها من قتل 21 إسرائيليًا، وأصاب عشرين آخرين، وأتلف ست سيارات عسكرية إسرائيلية، ثم عاد بهدوء ليسلم نفسه للجيش المصري فخورًا بما قدمه للوطن. يقول البطل مكملا حكايته في رسالته التي نشرنا جزءا منها الأسبوع الماضي،: بعد أن انتهيت من العملية العسكرية عبرت داخل الأراضي المصرية بحثًا عن مكان ملائم لتضميد جرحي النازف، والبحث عن أي وسيلة لنقلي بعيدًا عن موقعي العسكري، حتى لا أتسبب في عملية انتقامية من الجنود المصريين، ورفعت يدي للسماء طالباً من الله العون بعدما وفقني في أداء مهمتي، والتفت في اتجاه موقعي العسكري لإلقاء نظرة الوداع عليه، فأنا أعلم أني لن أعود إليه، وستتم محاكمتي عسكريًا، وسأنتظر الحكم بإعدامي، أو الاستشهاد كما حدث مع بلدياتي الشرقاوي بطل سيناء الأول "سليمان خاطر"، الذي قتل أكثر من 11 إسرائيلياً وأصاب العشرات. وجاء المدد الإلهي سريعًا.. لتنشق الصحراء عن سيارة نقل تابعة لشركة "المقاولون العرب"، لم أشاهدها من قبل طوال خدمتي العسكرية، طلبت منهم توصيلي للرئاسة العسكرية بالمنطقة المركزية في رأس النقب، حيث قابلت رئيس قطاع الأمن المركزي بسيناء، وشرحت له ما حدث بالتفصيل، فما كان منه إلا أن ضمني وهنأني على العملية، وأثناء جلوسي فوجئنا بدخول قائد القوات الدولية التابعة للأمم المتحدة في سيناء - وهو جنرال أمريكي- يطالب بالقبض الفوري على منفذ العملية العسكرية، لم يكن يعلم أنني قاتل الإسرائيليين المطلوب، وكانت المفاجأة التي فجرها القائد المصري عندما قدمني إليه قائلا بفخر: "هذا هو الجندي قاتل الإسرائيليين يا جنرال، وهو جندي مصري في حوزتنا، سلم نفسه واعترف بجميع التفاصيل، وستتم محاكمته في وطنه وفقًا لمفهوم السيادة الوطنية، ولن نسلمه لإسرائيل مهما حدث". وبالفعل تمت محاكمتي أمام محكمة عسكرية مصرية، أصدرت حكمًا بسجني 12 عامًا، قضيت منها عشرة أعوام، وخرجت بعد انقضاء ثلاثة أرباع المدة، لأبدأ مرحلة جديدة وصعبة من حياتي، فعثوري على عمل ثابت أصبح أمرًا في غاية الصعوبة، لأن شهادة الخدمة العسكرية وصحيفة الحالة الجنائية رديئة، فقد كتب بها جريمتي (قتل عمد إسرائيليين)، وهو ما يعوق عملي بأي وظيفة حكومية، ولم يعرض علي سوى وظيفة بالصرف الصحي بمجلس مدينة الزقازيق (زبال) بأجر غير ثابت، ولذلك فقد قررت أن أعمل سباكًا باليومية، لتوفير لقمة عيش شريفة لأسرتي، وقد زادت معاناتي منذ عدة أعوام عندما تعرضت لحادث سقوط من على (سقالة) بارتفاع خمسة أدوار، أثناء تركيبي مواسير صرف صحي وتأثر عمودي الفقري، وأنا الآن أعمل في مزرعة سمكية بكفر الشيخ. وكل ما أطلبه هو حياة كريمة ومسكن لائق، ولكن وبالرغم من كل شيء.. فأنا فخور بما فعلته، أنا لم أتاجر في المخدرات، ولم أسرق أموال الشعب، وما قدمته كان لوجه الله ولمصلحة وطني، وأتمنى أن أكون قد ضربت للأجيال الجديدة من الشباب المثل والنموذج في حب الشهادة، والثأر لأوطاننا ومقدساتنا. انتهت رسالة البطل أيمن حسن، التي مر على كتابته لها عدة سنوات، وهي تبين حجم المأساة التي يعيشها هذا البطل، وتقصير مصر قبل ثورة يناير، حكومة وشعبا، في تكريم هذا البطل والحفاوة به، وتوفير حياة كريمة له.. ولعل الرئيس محمد مرسي يتدارك الأمر ويسعى الى تكريمه قبل أن تقسو عليه الأيام وتحرمه من أبسط متطلبات الحياة. أحمد أبو زيد


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية