حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب، وهو الحكم الذي يقضي ببطلان المجلس المنتخب، وكأنه لم يكن، ويعود بنا الى المربع "صفر" فيما يتعلق بالسلطة التشريعية.. هذا الحكم يطرح عدة تساؤلات، ويشير بأصابع الاتهام إلى أشخاص وجهات بعينها في مصر، استهدفت الوصول بنا الى هذا الوضع وتلك النتيجة، وكانت النية مبيتة لذلك لديها مع سبق الإصرار والترصد منذ بدأ التفكير في وضع قانون انتخابات مجلس الشعب، وما تم وضعه من نصوص غير دستورية في نظام الانتخاب. فمن المسئول عن صدور القانون غير الدستوري منذ البداية؟ ومن المسئول عن وضع العوار وتلك الخلايا السرطانية في مواد القانون، بحيث لا يعيش أكثر من عدة اشهر، يتم من خلالها عمل بروفة سريعة على الانتخابات البرلمانية بعد الثورة، وما ستأتي به من قوى وتيارات جديدة لم نعهدها في ظل النظام البائد.. نظام الفساد وتزوير إرادة الناخبين وتسويد البطاقات الانتخابية، وتفصيل المجالس النيابية بالشكل الذي يريده النظام ويطمئن إليه؟ ومن يتحمل فاتورة الانتخابات البرلمانية التي أصبحت كالعدم، وهي الفاتورة التي بلغت مليار وستمائة مليون جنيه، دفعها الشعب المصري من عرقه ودمه، وهو يمر بالعديد من الأزمات الاقتصادي والاجتماعية؟.. من يتحمل مسئولية هذا الإهدار الكبير للمال العام في انتخابات شغلت الشعب وأجهزة الدولة عدة أشهر، وأرهقت خزينة المصريين، وهم في حاجة اليوم إلى كل جنية لبناء اقتصادهم بعد الثورة، وحل مشكلاتهم المزمنة التي ورثوها عن النظام الفاسد، نظام مبارك وعصابته؟ انني أحمل المجلس العسكري، وهو صاحب الحق في التشريع في الفترة الانتقالية، مسئولية إصدار هذا القانون المعيب وما ترتب عليه من أثار، وأحمله المسئولية الكاملة عن فاتورة الانتخابات البرلمانية التي صارت باطلة، فالمجلس العسكري برئيسة وكل أعضائه ومن شارك معهم في صياغة قانون الانتخابات، يتحملون عوار هذا القانون وما ترتب عليه من أثار ونتائج أرهقت الشعب وخزينته لعدة شهور. إننا لا نريد أن نعالج أعراض المشكلة وأثارها، ولكننا نريد أن نبحث عن اصل الداء، ونقف على الأشخاص والجهات التي حاكت القانون المعيب منذ البدايةـ وأصابته بالداء اللعين.. داء عدم الدستورية لكي لا يعيش الا أشهرا مهدودة، ثم يسقط القانون وما ترتب عليه من أثار. ولا يحدثني أحدا بأن نحسن الظن، ونقول أن هذا اجتهاد من جهة التشريع وقتها، والاجتهاد قد يترتب عليه الصواب أو الخطأ، فالنيات الحسنة لم تتوفر لدى واضعي هذا القانون المعيب، بل وضع العيب الدستوري فيه عن قصد ونية مبيتة، بدليل أن أصوات المخلصين من خبراء وأساتذة القانون الدستوري قد بحت وقت صياغة القانون، وأخلصوا النصح والتحذير من أن القانون فيه عوار دستوري، وهذا سوف يبطل الانتخابات فيما بعد، وطالبوا بألا ترشح الأحزاب أعضاءها على مقاعد المستقلين، وأن ينص القانون على ذلك، ولكن لم يستمع لهم أحد، وأصر المجلس العسكري على أن يصدر القانون بصورته المعيبة، وتجرى الانتخابات على أساس غير متين، وتكون النتيجة الحتمية بعد ذلك بطلانها وحل المجلس. هذه هي الحقيقة دون مواربة أو محاباة لأحد، ومن يقول غير ذلك فعليه أن يراجع الظروف التي صدر فيها قانون الانتخابات، وما دار حوله من نقاش وجدال، وما ذكره خبراء القانون الدستوري وحذروا منه وقتها قبل أن تجرى الانتخابات وتصبح بعد ذلك في حكم العدم. واذا كنت أحمل المجلس العسكري مسئولية إصدار هذا القانون المعيب، وما ترتب علية من انتخابات صارت باطلة بعد أشهر قليلة من إجرائها.. فاني لا أعفي القوى والتيارات السياسية التي خاضت الانتخابات، وعلى رأسها الإخوان المسلمون وحزبهم، من المسئولية، لأن القانون وضع تحت سمعهم وبصرهم، وحضروا العديد من اللقاءات مع المجلس العسكري للتباحث حوله وحول نظام القوائم والفردي وتوزيع الأنصبة بينهما، وكان يجب عليهم أن يدرسوا القانون جيدا من الناحية الدستورية، حتى لا يصلوا الى ما وصلوا إليه اليوم من عدم الدستورية وبطلان مجلس الثورة. أحمد أبو زيد a_abozied@hotmail.com


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية