وأتصور ان ما أقدم عليه الشاب التونسي محمد بوعزيزي من انتحار لم يكن ايضا سوي تجسيد لغضب عام كان كامناً في أجساد التونسيين سرعان ماتفجر في وجه نظام ديكتاتوري هش.. فعندما يكون النظام الحاكم قمعياً الي هذا الحد فليس هناك حل سوي بلدوزر الثورة الذي يجرف كل الزبالات السياسية، فالشعوب الحرة لا تستطيع ان تهادن هذه النفايات ولا تقيم معها صداقة الي الأبد.

ولعل أجمل ما في ثورة الياسمين أن الجسد التونسي انتفض من غيبوبته الطويلة بعدأن شعر بآلاف المسامير التي غرزت فيه وبآلاف السكاكين التي كانت تعمل فيه بتراً وتقطيعاً.

وما حدث من تداعيات لثورة الياسمين من محاولات انتحار في مصر وغيرها من البلدان العربية هو تعبير عن هذا الانكسار اليومي واليأس اليومي والضعف اليومي في ظل نظم حاكمة لا تعرف كيف تصنع لشعوبها خبزاً بطعم الحرية.

ومن شاهد الوزراء ورجالات الدولة في مصر وهم يهرولون في اتجاه المنتحرين أو من حاولوا الانتحار أمام مجلس الشعب لا يستطيع أن يفرق بينهم وبين كتيبة اطفاء، فقد سارعت "حكومة المطافي" وأمسكت بالمراهم والمحاليل تضعها علي جلود ووجوه المحترقين، فهي لا تريد ثورة ياسمين ولا ثورة عاطلين، والسؤال الذي يطرحه الناس في بر مصر لماذا لم تتحرك "حكومة المطافي" هذه من قبل لإنقاذ آلاف المصريين الذين ماتوا انتحاراً في العام الماضي.. بعضهم ألقي بنفسه في البحر غرقاً وآخرون علقوا رقابهم في الحبال شنقا، وبعض ثالث سكب النار علي جسده فمات حرقاً.

إن من يقول إن سيناريو تونس لن يتكرر في بلد آخر فهم الواهمون والمستفيدون والقابضون بأيديهم وأسنانهم علي كراسي الحكم.. صحيح ان أنياب السلطة حادة وقاطعة وفولاذية ولكن للشعوب أيضا أنيابها وأظافرها وعضاتها الموجعة.

 

 

 


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية