أكدت المحكمة الإدارية العليا أن الدولة تولى اهتماها لحماية صغار الفلاحين الذين يزرعون ويحصدون الحقول فباتت تنخرط في نسيج حيواتهم وأختلط ترابها بمعيشتهم وتعلقت أمالهم بغلاتها , وأن الدولة ابصرت عن كثب هذا المشهد الذي يتجلى فيه عميق إنتمائهم بالأرض , وأن انتزاع هيئة الاصلاح الزراعى الارض منهم كانتزاع الروح من الجسد.

جاء ذلك فى الحكم الصادر بإلغاء قرار الهيئة العامة للاصلاح الزراعى بالاستيلاء على ثلاثة أفدنة لأحد صغار الفلاحين وباستبعاد المساحة موضوع الاعتراض من الاستيلاء وأعادتها للفلاح وألزمت الهيئة المطعون ضدها المصروفات.

اصدر الحكم رئاسة المستشار يحيى خضرى نوبى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين أحمد منصور وناصر رضا عبد القادر ونجم الدين عبد العظيم والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وعبد العزيز السيد نواب رئيس مجلس الدولة.

قالت المحكمة أن المشرع قرر استثناء من تعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد في الأراضي الزراعية وما في حكمها بالاعتداد بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام أي من القوانين المعنية ولم تكن ثابتة التاريخ قبل العمل به في هذا النص و إستثناء يعول على هذه التصرفات حتى ولو لم تكن ثابتة التاريخ إلا إنه سن شرطين يقتضي تلازمهما معًا حتى يؤتي هذا الاستثناء ثماره أولهما : أن يكون المالك قد بادر إلى إثبات التصرف في الإقرار المقدم منه إلى الهيئة تنفيذًا لأحكام أي من هذه القوانين المشار إليها أو كان المتصرف إليه أثبت التصرف في الإقرار المقدم منه إلى الهيئة المذكورة طبقًا للقانون رقم 15 لسنة 1963 سالف البيان أو أن يكون التصرف قد رُفعت بشأنه منازعة أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعي حتى 31 ديسمبر 1977. وثانيهما: أن تكون مساحة الأرض موضوع التصرف لا تربو على خمسة أفدنة.

وأضافت المحكمة أن المغزى من سن هذا الاستثناء واضح جلي ويجد تفسيره في الرغبة في رعاية طائفة من صغار المزارعين حازوا مساحات من الأراضي الزراعية ليست بالكبيرة ودأبوا على طوال سنين عددا يلهثون للنهوض بها زرعًا وحصدًا حتى أضحت حقولًا غلباء فباتت تنخرط في نسيج حيواتهم وأختلط ترابها بمعيشتهم وتعلقت أمالهم بغلاتها فأبصر المشرع عن كثب هذا المشهد الذي يتجلى فيه عميق إنتمائهم بالأرض وفطن إلى إن إنتزاعها منهم لعدم ثبوت تاريخ التصرف كانتزاع الروح من الجسد وبتر أواصل أرتباطهم بأرضهم ومن ثم تداعي آثار إجتماعية تمتد بتأثيرها السلبي لتمس حياتهم الخاصة وعموم المجتمع على السواء فحرص في القانون المشار إليه على تغمد هذه الأوضاع بالإصلاح فعكف على ترسيخ دعائم هذا الإستثناء وتثبيت أركانه.

وأشارت المحكمة أن المساحة البالغة 3 فدان والتي آلت إلى الطاعن من والده الذي آلت إليه بعقد بيع عرفي مؤرخ 5/11/1957 من أحمد عبد المعطي عبد الرحمن الذي آلت إليه من الخاضع عودة عواد خليل، قد أثبتها هذا الأخير كمالك أصلي لها في الإقرار المقدم منه إلى الهيئة المطعون ضدها وخلت أوراق التداعي مما يفيد بيقين إنه سبق وإن صدر بشأنها قرار نهائي من اللجان القضائية وهذه المساحة تقل عن خمسة أفدنة فمن ثم يعول على هذا التصرف حتى ولو لم يكن ثابت التاريخ وهو ما يقتضي إخراجها من الأراضي المستولى عليها، أما عن مساحة الأرض البالغة فدان فأنها قد آلت إلى الطاعن من والده الذي آلت إليه بعقد عرفي مؤرخ 2/6/1959 من المدعو/ سلام محمد سلام الذي آلت إليه من الخاضع المذكور (عودة عواد خليل) الذي أثبت هذا التصرف في الأقرار المقدم منه إلى الهيئة المطعون ضدها ،

وأوضحت المحكمة أن الهيئة العامة للاصلاح الزراعى لم تبين ما إذا كانت مساحة الفدان موضوع التداعي الراهن تدخل ضمنها أم إن الأمر خلاف ذلك ، كما يبين من تقرير الخبير المعد في هذه المأمورية إنه عجز عن تحديد هذا الأمر وثابت من التقرير إن الهيئة المطعون ضدها تخلفت عن الحضور في الجلسات أمام الخبير رغم إخطارها بالحضور، ومن ثم وإزاء إصرار الطاعن على إن مساحة الفدان المذكورة لا تدخل ضمن المساحة المقام عنها الاعتراض رقم 1042 لسنة 1964 المشار إليه ، وحيال نكول الهيئة المطعون ضدها عن تقديم ما يثبت صدق إدعائها بتتداخل المساحة موضوع الاعتراض المذكور مع تلك المساحة بل وعزوفها عن حضور جلسات الخبير فأن المحكمة لا يسعها إلا أن تأخذ بما قرره الطاعن من إن مساحة الفدان المذكورة لا تدخل ضمن المساحة المقام عنها الإعترا ض المشار إليه، ولما كانت هذه المساحة تقل عن خمسة أفدنة وأثبتها الخاضع المذكور بإقراره المقدم منه إلى الهيئة المطعون ضدها ولم يثبت من الأوراق إنها كانت محل قرار نهائي صادر من اللجنة القضائية ، فمن ثم تدخل مساحة الفدان المذكورة في إطار الاستثناء السالف بيانه وتستظل بظله حتى ولو كانت غير ثابتة التاريخ ويتعين لذلك استبعادها من الاستيلاء.


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية