قضت الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، برفض طلب شركة الدوحة لاستصلاح وزراعة الأراضى الصحراوية التابعة لدولة قطر، بتحرير عقد تمليك لمساحة 1250 فدانا ومساحة 554 مترا مربعا مبانى ومنشآت الموضحة الحدود والمعالم بأوراق الطعن والخريطة المرفقة على أساس سعر الفدان 200 جنيه، لتلاعبها فى حصة مياه الآبار المصرية، وأعادت الأراضى للدولة المصرية رغم قيام الشركة القطرية بإيداع ثمن الأرض بمبلغ 250000 جنيه فقط بخزينة محكمة الدقى على ذمة الهيئة، بعد رفضها الإنذار المؤرخ فى 19/11/2008 بعرض الثمن عليها، وألزمت المحكمة الإدارية العليا، الشركة القطرية بالمصروفات .
 
 
 
صدر الحكم برئاسة المستشار يحيى خضرى نوبى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين أحمد منصور وناصر رضا عبد القادر ونجم الدين عبد العظيم والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نواب رئيس مجلس الدولة .
 
 
 
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها، إن الثابت من الأوراق شركة الدوحة لاستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية تضع يدها منذ عام 2000 على مساحة 1250 فدان أرض صحراوية تقع شرق نفق الشهيد أحمد حمدى شرق مدينة السويس، وتقدمت بالطلب رقم 9407 في 25/6/2000 إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية للسير فى إجراءات تمليك هذه المساحة، واستوفت موافقة الجهات المعنية من قوات مسلحة ومناجم ومحاجر وآثار، وتم استصدار ترخيص بحفر ثلاثة أبار جوفية من الإدارة العامة للمياه الجوفية بسيناء الشمالية، وتم تجديدها وتنتهى فى 10/3/2006، إلا أن الثابت من المعاينة التى أجريت أن تلك الشركة لم تقم بحفر آبار، وإنما قامت بمد مواسير من ترعة الشيخ زايد بطريقة فنية مخفية يصعب اكتشافها وبدون تصريح من الهيئة، وأن الشركة لم تقم بتوفير مصدر رى قانونى، وهذا يعنى عدم توفر مصدر رى مقنن، واستخدام الشركة طرقا احتيالية بأن دلست على الهيئة بما أثبتته على خلاف الحقيقة من وجود مصدر للرى الذى تبين أنه تم توصيل الآبار بمواسير مارة أسفل طريق النفق/سدر وبطريقة خفية يصعب اكتشافها، وهو ما أكده تقرير الخبير المنتدب فى الطعن، كما أكد كتاب مدير عام الإدارة العامة للتوسع الأفقى والمشروعات بوزارة الموارد المائية والرى رقم 30 بتاريخ 14/1/2008 أن الأرض محل التداعى تقع خارج الزمام المقرر لترعة الشيخ زايد، وأوجبت المحكمة استرداد كامل المساحة وقدرها 1250 فدانا، واتخاذ إجراءات التصرف فيها بالبيع بالمزاد العلنى.
 
 
 
وأضافت المحكمة، أن المشرع جعل الحيلة غير المشروعة التى يتحقق بها التدليس إما أن تكون إيجابية باستعمال طرق احتيالية، أو أن تكون سلبية بتعمد المتعاقد كتمان أمر عن المتعاقد الآخر متى كان هذا الأمر يبلغ حداً من الجسامة، بحيث لو علمه الطرف الآخر لما أقدم على التعاقد بشروطه، كما اعتبر المشرع مجرد كتمان العاقد واقعة جوهرية يجهلها العاقد الآخر أو ملابسة، من قبيل التدليس الذي يجيز طلب إبطال العقد إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو اتصل علمه بما سكت عنه المدلس عمدا. ويشترط فى الغش والتدليس على ما عرفه القانون المدنى أن يكون ما استعمل في خدع المتعاقد حيلة، وأن هذه الحيلة غير مشروعة قانوناً . ومن المقرر ان الغش المفسد للرضا يجب أن يكون وليد إجراءات احتيالية أو وسائل من شأنها التغرير بالمتعاقد، بحيث تشوب إرادته ولا تجعله قادرا على الحكم على الأمور حكما سليما، وأن تقدير أثر التدليس فى نفس العاقد المخدوع، وما إذا كان هو الدافع إلى التعاقد، من مسائل الواقع التى تستقل بها المحكمة.
 
 
 
وأوضحت المحكمة أن الشركة القطرية قد أخفت واقعة الرى عن طريق ترعة الشيخ زايد، وأن الرى يتم بمواسير من الآبار موصلة إلى هذه الترعة أسفل الطريق الدولى، وذلك وقت إجراء المعاينة الأولى التى صدر على مقتضاها قرار مجلس الإدارة بتاريخ 12/9/2005 (القرار المسحوب) بالتصرف ببيع مساحة 257 فدانا، وبيع مساحات المبانى وقدرها 554م² للشركة، وبتعمد الشركة كتمان هذه الواقعة واستعمالها طرقاً احتيالية فى توصيل الآبار بالمواسير بالترعة وإخفاء الحقيقة عن الهيئة التى لو علمت بها لما أقدمت على إبرام العقد. وبناء عليه يكون رضاء الهيئة ببيع تلك المساحة قد بنى على غش، ما يجعل العقد قابلا للبطلان لصالح الهيئة المصرية، ومن ثم يكون قرار الهيئة  بإلغاء قرار مجلس الإدارة الصادر فى الاجتماع الخامس عشر بند 27/15 بتاريخ 12/9/2005 واسترداد كامل المساحة وقدرها 1250 فدانا قد صدر مطابقا لحكم القانون .
 
 
 
وأشارت المحكمة إلى أن المشرع جعل الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية دون غيرها هي جهاز الدولة المسئول عن إدارة واستغلال والتصرف فى الأراضى التى تخصص لأغراض الاستصلاح والاستزراع في المناطق التي تشملها خطة مشروعات استصلاح الأراضى، ويصدر رئيس الجمهورية قرارا بتحديد المناطق التي تشملها خطة الاستصلاح، وأسند المشرع بموجب ذلك التنظيم إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، ولاية إدارة واستغلال والتصرف فى الأراضي المتاخمة والممتدة خارج الزمام إلى مسافة كيلو متر التى يجرى استصلاحها وفقا للخطة القومية التي تضعها وزارة الاستصلاح الأراضى بالتنسيق مع المحافظة المختصة. دونما إخلال بحق وحدات الإدارة المحلية فى إدارة واستغلال والتصرف فيما استصلحته أو تستصلحه من تلك الأراضى حتى تاريخ العمل بتلك الخطة. 
 
 
 
واختتمت المحكمة: أنه لا وجه لقول الشركة القطرية بتحصن القرار السابق الذى صدر نتيجة للغش والتدليس الذى وقع من الشركة بمرور ستين يوماً، فذلك مردود بأنه إذا كانت دواعى المصلحة العامة تقتضى باستقرار القرارات المعيبة بعد مرور فترة معينة من الزمن، بحيث يسرى عليها ما يسرى على القرار الصحيح، المحددة بستين يوما من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياساً على مدة الطعن القضائى، وانقضائها اكتساب القرار لحصانة تعصمه من أى إلغاء أو تعديل، إلا أنه إذا كان القرار المعيب معدوما أى لحقت به مخالفة جسيمة، فلا تلحقه أى حصانة، وينصرف ذلك أيضا إلى القرار الذى تصدره جهة الإدارة نتيجة لاستخدام الشركة للغش أو التدليس، فيجوز سحب القرار فى هذه الحالة دون التقيد بموعد الستين يوما .


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية